الحلقة الحادية والثمانون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: ٥١] !!
جاء في تفسير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لمّا قدِم كعب بن الأشرف -اليهودي- مكة قالت له قريش: “أنت خَير أهل المدينة وسيدهم؟” قال: “نعم” قالوا: “ألا ترى إلى هذا الصُّنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السِّدانة وأهل السِّقاية؟” قال: “أنتم خير منه”، قال: فأنـزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣]، وأنـزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: ٥١] [تفسير الطبري (٨/ ٤٦٦)] !!
والعجيب أن كعب بن الأشرف وباقي اليهود -ومن شابههم في الصد عن سبيل الله تعالى من النصارى- هم أعلم أهل الضلال بصدق رسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} [الأنعام: ٢٠]، قال أهل التفسير: “الذين آتيناهم التوراة والإنجيل، يعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم بصفاته المكتوبة عندهم كمعرفتهم أبناءهم، فكما أن أبناءهم لا يشتبهون أمامهم بغيرهم، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم لا يشتبه بغيره لدقة وصفه في كتبهم” !!
والآية الكريمة -التي هي موضع التأمل في هذا المقال- تشير إلى دور خبيث وقذر وخطير قام به اليهود -في عهد صدر الإسلام- للصد عن سبيل الله تعالى؛ وذلك بمدح عُبّاد الأوثان؛ وقولهم لهم: أن ما هم عليه من كفر وضلال أقْومُ وأعدل ممّا عليه أهل الإسلام، قال تعالى: {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} !!
أمّا في عصرنا -الذي أضحى العالم فيه كالقرية-؛ فإن اليهود قفزوا قفزات عمّا كان يفعله أسلافهم -بمدح غيرهم من أهل المِلل الباطلة- وذلك بأن وظفوا إعلامهم الخبيث لبث الشبهات حول الإسلام في فضاء الشبكة العنكبوتية؛ يتلقاها أهل الأرض قاطبة -وغالبية أهل الأرض ضالون; كما دلت على ذلك النصوص الشرعية-؛ فيحسبون أنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا .. حقا إنه المكر الكبّار لليهود؛ الذي فضحه الله تعالى منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام !!
وكما تطور صد اليهود للناس عن الإسلام بالأقوال -بمدح عُبّاد الأوثان-؛ إلى الأعمال -بالقتال مع كفار قريش في غزوة الخندق-؛ كذلك يفعل أهل الكتاب اليوم في تأليب قوى الكفر كافة على حرب المسلمين في فلسطين وغيرها من بلدان المسلمين .. ليجمعوا بذلك بين الحرب الفكرية ببث الشبهات -كما سيأتي بيانه-؛ والحرب العسكرية الظالمة الخاسرة بإذن الله تعالى !!
وسوف أسرد هنا بعض أساليب عرض الشبهات من قِبل أشد الناس عداوة للإسلام -أهل الكتاب عموما؛ واليهود على وجه الخصوص-؛ ليزينوا لغيرهم من الكفار؛ أنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا، فأقول وبالله التوفيق:
الأسلوب الأول: نشر قوائم بأسماء وكتابات المنتقدين للإسلام؛ سواء من غير المسلمين؛ أو من المسلمين الذين ارتدوا وبدلوا دينهم:
المصدر: (List of critics of Islam) (قائمة منتقدي الإسلام).
الأسلوب الثاني: استهداف المرأة المسلمة، وإلصاق اسم الإسلام بالحركة النسوية الخبيثة؛ حيث أسموها: “النسوية الإسلامية”:
ومن شبهاتهم أن قالوا: “النسوية الإسلامية شكل من أشكال النسوية التي تهتم بدور المرأة في الإسلام؛ وأنها تهدف إلى المساواة الكاملة لجميع المسلمين -بغض النظر عن الجنس- في الحياة العامة والخاصة” !!
كذلك قالوا: “على الرغم من جذورهن الإسلامية -أي النسوية الإسلامية- فقد تأثرن بالخطابات النسوية الغربية؛ حتى حُزْنَ على إعجابهن؛ وعدّوهن جزءا من حركة نسوية عالمية متكاملة” !!
ومن بين البارزات في النسوية الإسلامية -لا كثرهن الله-:
أسماء برلس: التي تزعم أن الرجال هم في الغالب من طوروا الشريعة .. وأقول: بل هو عقلك القاصر عن إدراك دور المرأة في الإسلام !!
أمينة ودود: التي ترى جواز إمامة المرأة للرجال والنساء في الصلاة .. وقد أمت المصلين في صلاة الجمعة عام ٢٠٠٥ من الميلاد في مدينة نيويورك .. وأقول: ما دليل هذه الجاهلة على فعلها ؟
المصدر: (Islamic feminism) (النسوية الإسلامية).
الأسلوب الثالث: الضرب على وتر حقوق الإنسان -في مجالات متعددة- أذكر واحدا منها:
إطلاقهم وصف العنف على العقوبات البدنية -التي شرعها الله تعالى- كقطع يد السارق، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] !!
وكذلك ألغوا العقوبة البدنية لمرتكبي الفاحشة -التي أفرزتها حريتهم البهيمية-، سواء تلك العقوبات التي وردت في كتبهم الدينية؛ أو عقوبات الإسلام؛ كالجلد والرجم !!
وأقول: العقوبات البدنية الربانية؛ تنافي -عند الجاهلين بالله تعالى- حقوق الإنسان -زعموا-، وفي الحقيقة هم أصلا من أضاعوا حق رب العباد عليهم؛ كما أضاعوا حقوق العباد !!
المصدر: (Islam and violence) (الإسلام والعنف).
فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة-؛ وبين لنا فيه أساليب أعداء الإسلام في صد الناس عن سبيل الله تعالى !!
اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..