الحلقة الحادية والأربعون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢] !!
كلنا قد سمع بمزارع تربية الأبقار؛ أو الأغنام؛ أو الدواجن؛ وتكثيرها !!
غير أن الكثير لم يسمع بمزارع تربية البشر وتكثيرهم !!
حصل هذا في إحدى دول الحضارة المادية؛ وليس غريبا على هذه الدول -التي تستحل حرمات الله تعالى- أن يحصل فيها ما لا يخطر على بال الأسوياء من البشر !!
ما بين العامين ١٩٣٥ – ١٩٤٥ من الميلاد -ولمدة عشر سنين- خرجت ألمانيا النازية -التي كان يتزعمها أدولف هتلر- على العالم ببرنامج إباحي أسموه: (برنامج ليبنسبورن) (برنامج ينبوع الحياة)(Lebensborn Programme)؛ لتكثير العرق الآري (Aryan race) -طبقا للنظرية العنصرية النازية المقيتة للعرق الآري؛ وأنه أرقى أعراق البشر- حيث أنشأوا لهذا البرنامج نحو ثلاث وعشرين من المُنْشآت السكنية -للتكاثر البشري؛ أسموها (maternity home) (منازل الأمومة).. عشر من هذه المُنْشآت في ألمانيا، والباقي في دول مختلفة؛ اجتاحتها ألمانيا؛ كالنرويج؛ وهولندا؛ والدانمارك؛ وغيرها !!
تخضع الفتيات المتقدمات لهذا البرنامج؛ لاختبار النقاء العرقي الصارم: (Racial Purity)؛ لثلاثة أجيال، وذلك للتأكد من كونهن من العرق الآري أبا عن جد .. وغالبا ما يُقبل نحو ٤٠٪ فقط من المتقدمات !!
أمّا الرجال المرشحون لهذا البرنامج فهم عسكريون ألمان -وهم بالطبع من ذوي العرق الآري- من (SS Schutzstaffel) (قوات الأمن الخاصة) !!
ولا يجمع بين العسكري والفتاة عقد زواج؛ ولا حتى معرفة أسماء بعضهما !!
وبعد الحمل والولادة؛ يؤخذ المواليد الجدد إلى عائلات ألمانية لتبنيهم، حيث لا تراه أمه بعد ذلك أبدا؛ ولا يعرِف أباه .. ولذلك حصل لهؤلاء المواليد من البؤس والألم بعد أن كبروا؛ ما لا يعلم قدره إلا الله تعالى؛ وصدرت في ذلك مقالات وكتب .. وبتبني المواليد؛ تُحث الفتيات والعسكر على تكرار هذه الأعمال القذرة مجددا؛ من أجل ألمانيا -عليهم لعائن الله- ويُوعدون بالتكريم بوسام رفيع .. حقا تترفع حظائر تربية الماشية عن حظائر هؤلاء؛ لأن أمهات صغار الحيوانات لا يفارقن صغارهن !!
بلغ عدد مواليد هذه الحظائر البشرية عشرات الآلاف، ولدنهن آلاف الفتيات؛ ممن اجتازوا اختبار النقاء العرقي، أي أنهن من العرق الآري !!
وقد باء بالإثم الأكبر لهذا البرنامج الإباحي؛ مهندسها وموجدها؛ أحد كبار رجالات هتلر واسمه: (هاينريش هيملر) (HEINRICH HIMMLER)؛ الذي أقدم على الانتحار بعد انهزام الألمان في الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ من الميلاد .. وبهزيمة الألمان انتهى برنامجهم الإباحي: (Lebensborn Programme) !!
مراجع ما جاء في هذا المقال عن هذا البرنامج الإباحي الألماني كثيرة؛ منها:
(Lebensborn (Fountain of Life) (1935-1945)) !!
ومنها:
Hitler’s Baby Farms: The Lebensborn Project
ومنها:
Himmler’s Children
وإذا كان البرنامج الإباحي الألماني لتكثير النسل -بصورته المقيتة التي نقلتها آنفا- قد انتهى بهزيمة ألمانيا النازية .. فإن تكثير النسل في جميع مجتمعات الحضارة المادية اليوم لا يزال إباحيا؛ وبصورة أعمّ وأطمّ؛ وبين شتى الأعراق .. وصورته تعكسها -باختصار شديد- ظاهرة كثرة (أزواج الأم) (Stepfathers)؛ وكثرة (زوجات الأب) (Stepmothers)؛ في مجتمعاتهم البئيسة .. وسبب ذلك أن الكثير من الرجال والنساء يولد لهم البنون والبنات؛ من خلال العلاقات المحرمة، حتى أن من الفتيات من يلدن في سن مبكرة جدا؛ ثم ينفصلون عن بعضهم البعض -وهو الغالب، وبعض حالات الانفصال تنتهي بجريمة قتل؛ لغلبة الشهوة- ثم يعاشرون آخرين من جديد؛ بدون زواج -كالبهائم- ومن ثم يصطحبون معهم ذراريهم لبيوتهم الجديدة؛ فيكثر بذلك (أزواج الأم) و (زوجات الأب) .. وهكذا دواليك .. وفي أحيان كثيرة تلقي الأم بمولودها -للتخلص منه- في صناديق منتشرة في أمريكا أسموها: (Safe Haven Baby Boxes) (صناديق الملاذ الآمن للأطفال)، وفي ذلك تشجيع لارتكاب الفاحشة أيما تشجيع .. فتبا لهم !!
وإن ممّا يبكي القلب ويدميه أن نرى ذراري العلاقات المحرمة يجتمعون هذه الأيام على حرب الإبادة في غزة؛ وسفك دماء النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء فيها .. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!
أمّا تكثير النسل عند أهل الإسلام فيكون بالزواج الصحيح؛ الذي حظي في شريعة الإسلام العظيمة بعناية ربانية حكيمة؛ سواء ما كان سابقا لإبرام عقده -كالخِطبة والرؤية الشرعية- أو لحظة إبرامه؛ برضا الطرفين؛ والشاهدين على العقد؛ وإشهاره، أو من خلال النظام المحكم من الحقوق والواجبات بين الزوجين؛ ما يضمن لهما حياة ملؤها السكينة والرحمة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١]، وكذلك بحلول ربانية حكيمة لِما يعتري الحياة الزوجية من خلافات ومشاكل .. وأعظم من هذا كله؛ أن الذي يطالب بالوفاء بعقد الزواج هو الله العليم الخبير، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] !!
فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة- ورغبنا فيه على الزواج؛ وحرّم علينا فيه حتى الاقتراب من الفاحشة، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]!!
اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..