الحلقة السابعة والثلاثون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ ۗ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ} [النحل: ٥٦] !!
إن أقبح صفة خلّدها القرآن الكريم للأصنام -كما في الآية التي هي موضع التأمل في هذا المقال- هي كونها لا تعلم شيئا، قال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ}، قال أهل التفسير: “ومِن قبيح أعمالهم أنهم يجعلون للأصنام التي اتخذوها آلهة، وهي لا تعلم شيئًا ولا تنفع ولا تضر، جزءًا من أموالهم التي رزقهم الله بها تقربًا إليها” !!
ولأن الأصنام لا تعلم شيئا؛ فقد بين القرآن أن وراء الأصنام متنفذون؛ يعلمون ما يريدون من وراء إقامة وحماية أصنامهم، إنها مصالحهم الذاتية البغيضة .. ولذا ارتفعت أصوات الكبراء من قريش -دون الأتباع- حين دعاهم صلى الله عليه وسلم إلى ترك عبادة الأصنام، قال تعالى: {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص: ٦] !!
ولا يظن ظان أن الأصنام التي زينها الشيطان الرجيم للناس، قال تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣]، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ} [النجم: ١٩] .. أقول لا يظن ظان أن الأصنام قد اختفت واندثرت -خاصة في عصر العلم والتكنولوجيا- كلا .. كلا .. وهذا ما دعاني إلى الحديث عن تمثال فاق كل أصنام التاريخ القديم تأثيرا في شعوب الحضارة المادية !!
إنه “تمثال الحرية” (Statue of Liberty) في نيويورك؛ الذي بلغ من الضخامة ليصل ارتفاعه (٩٣ مترا) ووزنه (٢٢٥ طنا) !!
بدأت قصة تصميم وبناء هذا التمثال الضخم في فرنسا -راعية الثورة الفرنسية ١٧٨٩ – ١٧٩٩ م بفكرها الليبرالي- صمّم التمثال الرسام والنحات الفرنسي: (فريديريك أوغست بارتولدي ) -وهو ماسوني- واستغرق تشييده تسع سنوات، ثم شُحِن إلى أمريكا على ظهر سفينة؛ بعد تجزأته ووضعْه في (٣٥٠) صندوقا خشبيا .. وقد وضع حجر الأساس للتمثال كبير الماسونيين في نيويورك: ( William A. Brodie) عام ١٨٨٤ م .. ودُشِّن في ذكرى المئوية الأولى لاستقلال أمريكا عام ١٨٨٦ م، المرجع: مقطع فيديو بعنوان:(Statue of Liberty: Occult Symbol or Emblem of Freedom) !!
وكما جاء في الآية الكريمة التي هي موضع التأمل: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ}؛ فقد جعلوا لتمثال الحرية -الذي لا يعلم شيئا- قسما كبيرا مما رزقهم الله من المال؛ سواء لتشييده؛ أو صيانته؛ أو خلال فترات الترميم الثلاث التي مرت عليه !!
الماسونية إذن هي الجهة المتنفذة من وراء هذا التمثال الضخم -ناقلة به الفكر الليبرالي لأمريكا- قد رعته منذ بداياته في فرنسا؛ وحتى تدشينه في نيويورك .. ولا غرابة إذن من شدة حرب فرنسا للإسلام -خاصة الحجاب- في هذا العصر !!
وحتى ندرك الإيحاءات الخطيرة التي يرمز إليها تمثال الحرية -التي تسببت فيما يراه العالم من انهيار متسارع للحضارة المادية في القيم والأخلاق- حتى ندرك تلك الإيحاءات علينا أن نتعرف على بعض أجزاء تمثال الحرية:
أولا: المرأة: تمثل إلهة -أي معبودة- الرومان ليبرتاس (the roman Goddess libertas)؛ وهي -زعموا- إلهة الحرية [المرجع الآنف الذكر] !!
ثانيا: الشُعلة: وتمثل شعلة الحرية .. وهي الحرية الشخصية البهيمية التي أوصلتهم إلى استحلال العلاقات المحرمة؛ والشذوذ؛ وتفاقم الجريمة بأرقامها الفلكية !!
ثالثا: الكتاب: يرمز للقانون .. كُتِب عليه تاريخ استقلال أمريكا بالأحرف اللاتينية .. وهذا يعني نبذ شريعة الله؛ والعمل بقوانين وضعها البشر !!
رابعا: السلاسل والقيود المحطمة عند قدمي المرأة: ترمز إلى كسر قيود العبودية .. والمقصود حرب العبودية لله تعالى؛ والقيم الصحيحة .. ليدخلوا بعد ذلك في عبودية الشيطان الرجيم !!
خامسا: التاج على رأس المرأة؛ ذو الإشعاعات السبعة: يرمز إلى القارات والمحيطات السبعة .. ولذلك كان اسم التمثال في البداية (liberty enlightening the world) (الحرية تنير العالم) .. وفي هذا تأكيد على طموحات الماسونية لإفساد العالم بحريتهم البهيمية !!
إن تمثال الحرية -بإيحاءاته المتعددة لنبذ منهج الله تعالى الذي ارتضاه لخلقه- لا تُقدم له قرابين من بهيمة الأنعام -كما في الجاهليات القديمة-، تمثال الحرية قرابينه التي يرضاها المتنفذون هي غزو عقول وفكر البشر؛ ومن ثم دفعهم إلى السلوك البهيمي؛ وفقا لما خططت له الماسونية الخبيثة .. وللعلم: يزور التمثال سنويا قرابة ثلاثة ملايين زائر !!
لكن كما فضح الإسلام قديما زيف عبادة الأصنام؛ فضحت قيم الإسلام العظيمة زيف ما بشرت به الحضارة المادية وتمثالها من قيم الحرية والعدالة والمساواة -بما قامت به من مجازر في غزة؛ وحرب الإبادة لأهلها-، فضحتها ليس أمام المسلمين فقط؛ بل تعرت تلك القيم الزائفة حتى أمام شعوب الحضارة المادية نفسها .. والشواهد على ذلك كثيرة خلال أزمة غزة !!
فالحمد لله على سماحة دين الإسلام .. في الأثر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعَث صاحبَ شُرْطَةٍ فقال: (أبعَثُك لِما بعثَني له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا تَدَعْ قبرًا إلا سوَّيْتَه ولا تِمثَالًا إلا وضَعْتَه)[رواه مسلم (٢٢٨٧)]!!
اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في المنتديات قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..