الحلقة الثامنة من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” !!
قال الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٨٣]، وقال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
الإعلام في الإسلام أداة ووسيلة لنشر الحق ودعوة الناس إليه؛ وتنفيرهم عن الباطل على اختلاف ألوانه، وينأى أن يكون إعلام إثارة؛ يلهث وراء زيادة المتابعين؛ وتصفيق المعجبين !!
وقد اعتنى الإسلام ببناء قيم الإعلام النزيه في نفوس أفراده منذ نعومة أظفارهم -فهم غدا بين مرسل للإعلام؛ أو مستقبل له-، فحرّم الكذب، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [يونس: ٦٩]، وحرّم الغيبة، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: ١٢]، وحرّم النميمة، قال تعالى؛ {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ • هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: ١٠-١١]، كما أرسى منهج التثبت حتى لا يرمي بعضهم بعضا بالتهم جُزافا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: ٦] !!
هذا وإن من أعظم ما أحاط الإسلام -دين الحنيفية- الإعلام من أُطُر -حتى لا يتحول حربا على المعتقد الصحيح والسلوك السوي- أن وضع له قاعدة محكمة؛ تحفظ للمجتمع أمنه وتماسكه، قال تعالى -في الآية التي هي موضع التأمل-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، قاعدة تمنع من أن يُدار الإعلام من قِبل شركات لا تخضع لولاة الأمر؛ وأهل الحل والعقد من أهل العلم والفقه -كما في إعلام الحضارة المادية- الذي يبث توجهات وأيديولوجيات مُلّاك الشركات؛ الذين لا هم لهم سوى استدرار المال؛ وعلو درجة التصنيف بين القنوات:(Rateing) !!
وإذا كانت الآية الكريمة الآنفة الذكر تكلمت عن الآثار السلبية الخطيرة جراء نشر ما لا ينبغي نشره من أخبار في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم -الذي كانت فيه وسائل الإعلام لا تعدو عن كونها حديثا يتناقله الناس فيما بينهم-؛ فكيف عساه يكون تناقل مادة إعلامية مضللة -كما سأبين بعد قليل- عبر وسائل إعلام عابرة للقارات؛ تصل إلى كل إنسان -خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة- بعد أن امتلك الجميع جهاز استقبال -الجوال- يحملونه على الدوام؟!!
ولعلي أقف بعض الوقفات مع خطر إعلام الحضارة المادية؛ وما يبثه من شرور وآثام في مجتمعاته؛ وفي العالم كله، فأقول وبالله التوفيق:
الوقفة الأولى: الكذب على الله تعالى: حيث لا يكل ولا يمل إعلام الحضارة المادية من الهجوم على دين الإسلام؛ واتهامه بالإرهاب؛ وبعدم صلاحيته لتنظيم حياة الناس في هذا العصر !!
الوقفة الثانية: إذكاء روح النميمة على مستوى الدول، ونشر الشائعات؛ لإشعال الحروب والفتن: وقد اصطلت بنار ذلك كثير من الدول !!
الوقفة الثالثة: نشر الإباحية؛ واستحلال الفاحشة: بما تبثه أفلامهم وبرامجهم التلفزيونية .. وقد هلك قبل أيام؛ في أمريكا في مدينة شيكاغو؛ اليهودي (Jerry Springer) صاحب البرنامج التلفزيوني الشهير (Jerry Springer Show) .. وقد بث (٥٠٠٠) حلقة خلال ٢٧ موسم؛ منذ عام ١٩٩١ إلى العام ٢٠١٨ من الميلاد .. يستضيف في برنامجه أصحاب الفواحش -التي حرمها الله تعالى- وكأنها أمور عادية لا جُرم فيها، زاعما حل ما يدور في البيوت من خلافات؛ سببها ارتكاب تلك الفواحش !!
الوقفة الرابعة: نشر الإلحاد: سواء عبر القنوات النصرانية واليهودية المتخصصة؛ أو عامة القنوات التي ليس لرب العالمين فيها ذِكر .. وأكثر ما يركزون عليه فيها؛ التقدم العلمي؛ الذي أضحى إلها لا يُرد له أمر في توجيه حياة الناس .. من ذلك خروج فرويد اليهودي على الناس -من رحِم الجامعات حتى ينقاد الناس لباطله- يهون عليهم أمر الفاحشة، زاعما أن كبت الشهوة الجنسية يسوق إلى الأمراض النفسية .. كما خرجت الداروينية البغيضة -كذلك من رحِم الجامعات- وكلهم -فرويد ودارون وغيرهم- يسوِّق لهم الإعلام !!
الوقفة الخامسة: إضاعة الوقت فيما يطرحه إعلام الحضارة المادية من أفلام وبرامج تلفزيونية هزلية: لجهلهم بتوجيهات خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي قال: (لا تزولُ قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يسألَ عن عمُرِه فيمَ أفناه، وعن علمِه فيمَ فعَل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيمَ أنفقَه، وعن جسمِه فيمَ أبلاه) [صححه الألباني في صحيح الجامع (٧٣٠٠)] !!
فيالسماحة دين الحنيفية -الإسلام- الذي أطّر للإعلام؛ بما يحميه من الانزلاق نحو الرذائل والشرور !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!