التأمل المفيد (٢٩٦)

*الحلقة السادسة عشرة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!*

قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] !!

وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها) [متفق عليه] !!

ليست جريمة القتل النكراء هي فقط الجريمة التي جعل الله تعالى لها حدا يردع المجرمين عن ارتكابها، قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، بل كذلك جريمة السرقة التي أقضت مضاجع الحضارة المادية المعاصرة بكثرتها وتنوعها -كما سأبينه في فقرات هذا المقال- قد جعل الله تعالى لها حدا يجتثها من جذورها؛ قطع يد السارق، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} !!

أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: حد السرقة؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:

الأُسرة المسلمة: أدركت أن الرسول صلى الله عليه وسلم بايع النساء بألا يسرقن، ناهيك عن الرجال، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ .. الآية} [الممتحنة: ١٢]؛ فنأت بنفسها عن جريمة السرقة؛ التي جعل الله تعالى حدها قطع اليد !!

كذلك تربت الأُسر المسلمة على البُعد عن أكل أموال الناس بغير حق، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء: ٢٩] !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فبسبب تمردهم على خالقهم العظيم؛ وتنكبهم عن منهجه القويم؛ راحوا يشرّعون لأنفسهم تشريعات بشرية هزيلة؛ لمقاومة جريمة السرقة؛ لم تكن كافية لردع المجرمين، بل أغرتهم للمزيد من التحايل والالتفاف على هذه القوانين !!

ولئن كانت جريمة القتل لديهم قد انتشرت ذلك الانتشار الكبير -كما بينته في مقال سابق من هذه السلسلة- فإن جرائم السرقة والنهب قد ازدادت كذلك كما ونوعا؛ لتدلل على استحواذ حب المال على قلوب كثير من أفراد هذه الأُسر .. وفيما يلي أورد بعضا من هذه الجرائم:

جرائم السطو (burglary crimes): لم يعد للسرقات التقليدية كبير ذكر لديهم -كسرقة محفظة تحوي نقودا- بجانب جرائم السطو المتزايدة على البيوت والبنوك والمحلات التجارية؛ كمحلات الذهب والمجوهرات -وقد يكون السطو مسلحا (Robbery)- حتى أن تقريرا لمكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) كشف عن إحصائية مفادها: أن هناك حوالي مليوني ونصف عملية سطو تحدث كل عام في أمريكا لوحدها .. وأن عملية سطو واحدة تقع كل (٢٦) ثانية على المنازل في أمريكا !!

جرائم سرقة الهوية لانتحال الشخصية (Identity Theft): وقد تكون هذه السرقات ذات طابع مالي؛ لغرض سحب الأموال، أو سرقات ذات طابع طبي؛ للاستفادة من العلاج؛ أو صرف الدواء .. تم الإبلاغ في عام ٢٠٢١ من قِبل (Consumer Sentinel Network) عن (١،٤٣٤،٦٧٦) حالة سرقة هوية في أمريكا !!

جرائم سرقة المركبات (Carjacking): في تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) أفاد: أن أكثر من (٨١٠،٤٠٠) مركبة تمت سرقتها عام ٢٠٢٠ على مستوى أمريكا !!

جرائم الاختلاس (embezzlement crimes): أو كما يسمونها جرائم ذوي الياقات البيضاء (white collar crime): وسموا بذلك كونهم موظفين يلبسون ملابس أنيقة؛ ولا يستخدمون العنف للاختلاس، ولكنهم يسيئون استخدام الأموال أو الأصول التي يعهد بها صاحب العمل أو المنظمة إليهم .. ويدخل تحت هذه الجريمة: التزوير والرشوة وغسيل الأموال والتهرب من دفع الضرائب وغيرها .. تكلف جرائم ذوي الياقات البيضاء الولايات المتحدة أكثر من (٤٠٠) مليار دولار سنويًا [20 SHOCKING WHITE-COLLAR CRIME] !!

الجرائم الإلكترونية (Cybercrime): ومن أخطرها سرقة البيانات من الأجهزة الإلكترونية .. تَلَقّى قسم الجرائم الإلكترونية التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) في عام ٢٠١٨ (٣٥١٩٣٧) تقريرا عن جرائم الإنترنت؛ بمعدل (٩٠٠) تقرير يوميًا !!

جرائم السلب والنهب أثناء الكوارث (shoplifting): مثال ذلك ما حصل في مدينة باتون روج من سلب ونهب للمتاجر أثناء إعصار كاترينا !!

أكل الأحبار والرهبان لأموال أتباعهم بالباطل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [التوبة: ٣٥]، ولذا نجد القس المشهور في أمريكا؛ كينيث كوبلاند (Kenneth Copeland)؛ يملك طائرة خاصة، وقصرا مشيدا، ورصيدا بالملايين !!

ومن أخطر السرقات التي يقوم بها أرباب الحضارة المادية المعاصرة أنفسهم -مفكرين وساسة- سرقة العقول؛ عن طريق وسائل إعلامهم؛ التي تستهدف فكر الناس، وخاصة برامج تشويه ديننا الإسلامي العظيم !!

ووالله .. وتالله .. وبالله .. لو استسلم أرباب الحضارة المادية لله رب العالمين؛ وعملوا بشرعه الحكيم -ومنه قطع يد السارق- لما فشت جريمة السرقة فيهم بهذه الأرقام الفلكية؛ وبهذا التنوع المخيف !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة!!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!