التأمل المفيد (٢٧٨)

الحلقة الأربعون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى على لسان لوط عليه السلام: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ • وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ • قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [الشعراء: ١٦٥-١٦٧]، إلى أن قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء: ١٧٣] !!

الحمدلله على نعمة الإسلام، نحن المسلمين لا ننتظر أن يندلع مرض خطير؛ كجدري القرود لنربطه بالشذوذ الجنسي؛ أو بانتشار فاحشة الزنا !!
نحن نعلم يقينا بالنص الشرعي أن ارتكاب الفواحش وإعلانها -كما يحصل اليوم في إعلام الحضارات المادية لغير المسلمين- نعلم يقينا أن ذلك مؤذن بعذاب من الأمراض يسلطها الله تعالى على أهل هذه الفواحش، قال صلى الله عليه وسلم: (ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا) صححه الألباني [صحيح الترغيب (2187)]، ولا يحتاج الواحد منا سوى بحث يسير في الشبكة العنكبوتية حتى يُصدم بتزايد الأمراض الجنسية في الدول التي تبنت فاحشة الزنا والشذوذ الجنسي، ولا شك أن هذه الأمراض -التي لم تكن معروفة من قبل، كما جاء في الحديث- هي من العذاب الذي توعد به صلى الله عليه وسلم أهل هذه الفواحش !!

ولنا مع الآيات الكريمات التي هي موضع التأمل ثلاث وقفات:

الوقفة الأولى: لابد من الاقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام في إنكار هذا المنكر العظيم -الشذوذ الجنسي- فهذا لوط عليه السلام ينكر على قومه هذا الفعل الشنيع، قال الله تعالى على لسان لوط عليه السلام: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ • وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} !!

والاقتداء بالأنبياء عليهم السلام سنة ربانية وجه الله تعالى نبيه -سيد الأولين والآخرين- صلى الله عليه وسلم للأخذ بها، فبعد أن سردت سورة الأنعام أسماء ثلة من الأنبياء الكرام عليهم السلام -ومنهم لوط عليه السلام- قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٩٠] !!

الوقفة الثانية: قوله تعالى: {قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ}، وقوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: ٥٦]، فيه بيان أن أهل الشذوذ ومن يسندهم؛ يشنون حملة خبيثة ضد أهل الصلاح والاستقامة؛ الذين ينكرون عليهم شذوذهم .. وهذا بالفعل هو ما يحصل في هذا العصر من قِبَل أهل الحضارات المادية من غير المسلمين, وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ جمعية (ilga) التي تأسست عام ١٩٧٨ من الميلاد، والتي جعلت من أعظم أهدافها تجييش هيئة الأمم المتحدة لحماية حقوق المثليين في العالم، كما تصم بالإرهاب الدول المناهضة للمثلية الجنسية !!

الوقفة الثالثة: أن أهل الفواحش -ومنهم أهل الشذوذ الجنسي- قد جرت سنة الله تعالى فيهم؛ أن ينزل بهم أليم عذابه في الدنيا، قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ} [هود: ٨٢]، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا)، ولهم في الآخرة عذاب عظيم !!

أخيرا: ما أعظم ما يحمله هذا الدين من رحمة للعالمين!: ففي الوقت الذي استمرأ فيه أهل الحضارات المادية من غير المسلمين إعلان الفواحش في وسائل التواصل ليراها العالم أجمع، أبرز الله تعالى للعالمين -منذ آلاف السنين- منظرا آخر -في البلد الحرام- مغايرا تماما لمنظر أهل الفواحش والشذوذ .. منظر يعج بالطُهر والبعد عن كل ما يخالف الشرع الحنيف .. منظر يدعو الناظرين إليه إلى التأمل في عبادات ترضي رب العالمين، قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: ١٢٥]، حتى أن الطواف ليخلو -بالرغم من الاختلاط بين الجنسين والزحام- ليخلو من كل ما يكدر صفو طُهرِه من الأذى والنظر الحرام !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!