الحلقة الثانية والثلاثون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ • وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ • وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ • كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان : ٢٥-٢٨] !!
الآية الكريمة تتحدث عن هلاك فرعون؛ وما تركه بعد هلاكه من بساتين وجنات ناضرة، وعيون من الماء جارية، وزروع ومنازل جميلة، وعيشة كانوا فيها متنعمين مترفين؛ كما قال أهل التفسير !!
ثم ورث كل هذه الأملاك والثروات العظيمة -بعد هلاك فرعون- قوم آخرون، قال تعالى: {كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} !!
وهي سنة لله تعالى جارية على الأثرياء من غير المسلمين؛ وهم كُثُر، منهم:
أحبار ورهبان اليهود والنصارى، الذين أثروا واغتنوا بأكل أموال رعاياهم بالباطل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة : ٣٤] !!
سيهلك هؤلاء الأحبار والرهبان، وسيلقون جزاءهم البئيس؛ عذابا في القبر، وفي الآخرة عذاب أليم -إلا أن يتوبوا- وسيرث أموالهم قوم آخرون، قال تعالى: {كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} !!
ومنهم في عصرنا: أثرى أثرياء العالم من اليهود؛ كعائلة روتشيلد، الذين اغتنوا بالربا؛ بتأسيس عائلة مصرفية دولية، حيث وزع ماير روتشيلد أبناءه الخمسة في كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا وبريطانيا؛ ليحكموا قبضتهم على اقتصاد العالم .. وحتى نعرف مدى ضخامة إفساد اليهود في الأرض كلها؛ يكفينا وصف الله تعالى لهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة : ٦٤] !!
ستهلك عائلة روتشيلد، وسيلقون جزاءهم البئيس؛ عذابا في القبر، وفي الآخرة عذاب أليم -إلا أن يتوبوا- وسيرث أموالهم قوم آخرون، قال تعالى: {كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} !!
وغيرهم كثير كثير من المليارديرات من غير المسلمين؛ سيهلكون، وسيرث أموالهم قوم آخرون، قال تعالى: {كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} !!
أخيرا: الآية الكريمة التي هي موضع التأمل -وإن كانت نزلت في هلاك فرعون- غير أنها تحمل بين طياتها موعظة بليغة لأهل الإسلام عامة، والأثرياء منهم على وجه الخصوص -وقد كسبوا أموالهم بالحلال؛ نحسبهم كذلك والله تعالى حسيبهم- بأن ينهجوا النهج الذي خطّه لهم القرآن الكريم والسنة المطهرة في بيان سُبُل إنفاق أموالهم في هذه الدنيا:
ففي حياتهم: يخرجون زكاة أموالهم إلى الفقراء والمساكين وغيرهم ممن ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم من أهل الزكاة !!
كما حثهم تعالى على الإنفاق خارج نطاق الزكاة المفروضة؛ في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : ٢٧٤]، وغيرها الكثير !!
وكذلك لهم أن يوصوا حتى بثلث أموالهم -كما جاء في ذلك نص شرعي عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه- لصرفها في وجوه البر والخير؛ ولتكون صدقة جارية لهم بعد مماتهم !!
فإن لم ينهج أثرياء المسلمين النهج الذي خطّه لهم القرآن الكريم في بيان سُبُل إنفاق أموالهم -خاصة إخراج الزكاة- فإنه يُخشى عليهم أن يتعرضوا لعقوبة مانعي الزكاة؛ والمذكورة في قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة : ٣٤] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!