الحلقة الحادية والثلاثون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل : ٢٥] !!
هذه الآية الكريمة سد منيع أمام المؤثرين من الناس -سواء كان تأثيرهم بسبب وجاهتهم أو قوة حججهم ومنطقهم- من أن يقولوا قول السوء، أو يعملوا عمل السوء .. لأنهم إن فعلوا ذلك وتأثر بهم الناس؛ فإنهم سيحصدون أوزارهم وأوزار كل من تبعهم إلى يوم القيامة، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً فعملَ بِها ، كانَ عليهِ وزرُها وَوِزْرُ مَن عملَ بِها من بعده لا ينقصُ من أوزارِهِم شيئًا)[صححه الألباني في صحيح الجامع (٦٣٠٦)] !!
والعكس صحيح، فإن الأقوال السديدة؛ والأعمال الحميدة للمؤثرين؛ سيحصدون أجرها وأجر من تبعهم فيها إلى يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها ، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها ، لا يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا) [صححه الألباني في صحيح الجامع (٦٣٠٦)] !!*
وليس الأمر في إصلاح أمر الناس أو إفساده مقتصرا على فرد بعينه، بل قد يضل الناس مجموعة من الأشخاص، قال تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} [النمل : ٤٨]، وحكى لنا القرآن الكريم القول الأثيم في موسى عليه السلام من قِبل الأشراف من قوم فرعون: {قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الأعراف : ١٠٩] !!
كما قد يؤثر مجموعة من الناس إيجابا على غيرهم، حكى لنا القرآن الكريم قول القلة المؤمنة؛ من بين القوم الذين خرجوا لقتال جالوت وجنوده: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة : ٢٤٩]، كذلك حكى لنا القرآن الكريم قول النفر المنذرين المصلحين من الجن: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف : ٣١] !!
وممّا زاد من قوة التأثير الإيجابي أو السلبي على الناس في عصرنا؛ هو وجود وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؛ التي ضاعفت من انتشار ما يصدر عنها، إذ لم يعد من الضروري أن تكون مؤثرا حتى ينقاد الناس وراء ما تقول أو تفعل، بل يكفي أن تكون شخصا من عامة الناس؛ تعيد إرسال تغريدة أو رسالة أو صورة أو مقطع؛ إلا وتجدها قد طارت بين الناس؛ ليعيدوا بدورهم إرسالها، وهكذا .. ومن ثم يحصد المرسل أجورا عظيمة إذا أرسل مادة إيجابية، أو أوزارًا جسيمة إذا أرسل مادة سلبية !!
إن الحل الجذري -الواجب- الذي يضمن للناس عموما؛ والمؤثرين على وجه الخصوص؛ ألا يُضِلوا غيرهم: هو أن ينقادوا لتوجيه الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء : ٣٦]، قال أهل التفسير: “ولا تتبع -أيها الإنسان- ما لا تعلم، بل تأكَّد وتثبَّت. إن الإنسان مسؤول عما استعمَل فيه سمعه وبصره وفؤاده، فإذا استعمَلها في الخير نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال العقاب.” !!
أخيرا: تنبيه من محب لجميع الإخوة والأخوات؛ قرّاء هذا المقال: مادام أن الله تعالى قد أمرنا بغض أبصارنا عن النظر فيما لا يحل لنا من النساء، قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور : ٣٠]؛ فإنه لا ينبغي -من باب أولى- نشر صور المتبرجات من النساء؛ حتى لو ظن مرسل المقطع أن فيه فائدة !! ناهيك عن تسريع وسائل التواصل الاجتماعي نشره في الآفاق !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!