التأمل المفيد (٢٦٢)

الحلقة الثلاثون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}، قال أهل التفسير: “قالت ثمود لنبيِّهم صالح: لقد كنا نرجو أن تكون فينا سيدًا مطاعًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا؟ وإننا لفي شكٍّ مريب مِن دعوتك لنا إلى عبادة الله وحده” !!

هذه حال أصحاب الأهواء وعبّاد الشهوات، يحتل الإنسان لديهم وجاهة ومكانة عالية مادام أنه يوافقهم في كل آرائهم, فإذا قال الحق في مسألة؛ وكان هذا الحق خلاف ما يرون؛ صبّوا عليه جام غضبهم !!

ولا يقتصر هذا الانحراف على قوم صالح عليه السلام، بل هو ممتد لدى أهل الباطل على مدار تاريخ البشرية الطويل !!

هكذا فعلت قريش مع الرسول صلى الله عليه وسلم .. لقبته بالأمين قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، ثم كذبته وخونته في ذات اللحظة التي أنذرهم فيها، فحينما قال لهم صلى الله عليه وسلم: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بسَفْحِ هذا الجَبَلِ، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ كَذِبًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ، قالَ: فقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثُمَّ قامَ فَنَزَلَتْ هذِه السُّورَةُ: (تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ) [متفق عليه] !!

وفي عصرنا؛ نسمع بالرجل يكون ذا وجاهة ومكانة عند قومه -كما كانت مكانة المفكر جارودي، والطبيب موريس بوكاي- وما إن أسلما وجههما لله تعالى؛ حتى أخذ قومهما في اضطهادهما والتضييق عليهما !!

بل تعدى الأمر في عصرنا إلى أن تُمارسَ على الشعوب المسلمة ألوان من الضغوط الاقتصادية والإعلامية من قِبل أرباب الحضارة الغربية؛ لمخالفة هذه الشعوب نهج تلك الحضارة المادية -كاتفاقية سيداو؛ التي تدعو إلى الشذوذ وإلى إخراج المرأة من حياة الطهر والعفاف التي حفظها لها دين الإسلام القويم- !!

أخيرا: إن أعظم أثر إيجابي للآية الكريمة -التي هي موضع التأمل في هذا المقال: {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}- على المسلم: أن يتجنب هذا الموقف المشين -كموقف ثمود من نبيهم صالح عليه السلام- وذلك بتقبل الحق إذا صدر من غيره -حتى لو كان مخالفا لرأيه- وتبنيه، وشكر قائله، والدعاء له بالتوفيق !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!