الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {الم • أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ • وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت : ١-٣] !!
الحذر من فتنة الدجال . خط الدفاع العظيم ضد كل الفتن التي تمر بالمسلمين !!
فإنه كلما تأمل المسلم الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة التي بيّن فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أنٌه ما من نبي بدءًامن نوح عليه السلام ومن بعده إلا وقد حذر أمته من فتنة المسيح الدجال ، كلما تأمل المؤمن تلك الأحاديث ازداد معرفة بحكمة الله العليم الحكيم الرحمن الرحيم بخلقه !!
إنّ جانبا من الجوانب المهمة الذي تحتاجه البشرية خلال تاريخها الطويل على هذه الأرض هو الاستعداد لتلقي الصدمات (الفتن ) والخروج منها بسلام وأمان ؛ ولا يكون ذلك إلا بالإيمان بالله العظيم والاستسلام لمنهجه القويم قال تعالى: {الم • أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} !!
وقد اهتم البشر في هذا العصر -وخاصة الغرب- بقضية مواجهة الأزمات وإدارتها الإدارة الصحيحة ، لكنهم اقتصروا على إدارة الأزمات التي تُنجِح مشروعاتهم المادية الدنيوية، تاركين الباب مشرعا لأزمات روحية وأخلاقية تعصف بهم عصفا أليما في دنياهم، ونهاية أتعس في أخراهم !!
إنّ الاستعداد لفتنة الدجال حتى ينجو المسلم منها يعكس أمورا عظيمة للغاية ونحن نسير في الطريق إلى لقاء الله تعالى والفوز برضاه !!
الإيمان الصادق الراسخ هو أول انعكاس لدى من يحذر فتنة الدجال ويحذّر غيره منها، إيمان بالله وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وأنه سبحانه أحق أن يُخشى ويُرجى ويـُحب ويُطاع ويُعبد ، إيمان يُخرِج المسلم من قائمة ضعاف الإيمان، و يُخرِجه من قائمة المشككين والمرتابين بقضايا الغيب التي أخبرنا بها القرآن الكريم والسنة المطهرة ؛ فإن من أعظم صفات المؤمنين كما جاء في صدر سورة البقرة إيمانهم بالغيب: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة : ٣] !!
كما أن استعداد المؤمن لفتنة الدجال يعكس تمسكه بالسنة النبوية المطهرة التي هي المنهاج العملي الصحيح الآمن للحياة المطمئنة على هذه الأرض ، ومنها معرفة ما جاء في السنة عن فتنة الدجال وكيف يواجهها !!
ويعكس ثالثا شيئا من الحكمة الربانية في التحذير من هذه الفتنة العظيمة على البشرية و التي حذر الرسل -عليهم السلام- أقوامهم منها بأن تكون المجتمعات المسلمة خلال تاريخ البشرية الطويل بحذرهم من الدجال أقدر بإذن الله على مواجهة الفتن التي تمر بهم مهما عظمت وكبرت ؛ فهي لن تصل إلى حجم وضخامة وخطر فتنة المسيح الدجال ؛ لذا فهم يواجهون أنواع الفتن المختلفة بإيمانهم الصادق بالله تعالى، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم !!
لكن المصيبة تكون حينما لا يستعد المسلم لمواجهة فتنة الدجال ؛ لكونها منسية لديه، في خلفية ذاكرته ؛ لينعكس ذلك ضعفا في الإيمان ونقصا في السلوك ، وحينها لا غرابة أن يُفتن المسلم -كما نرى في هذا العصر-حتى بصورة امرأة متبرجة ؛ ليهوي بصورتها في فتنة الشهوات، وشتان شتان بين من جهّز نفسه بإيمان وعمل صالح ليواجه أعظم فتنة (الدجال) ، وبين إيمان صريع صورة !!
وفي المقابل فقد مر سلفنا الصالح بفتن عظيمة جسيمة ، لكنهم عبروها وخرجوا منها أقوى مما كانوا عليه قبل ورودها، كارتداد فئام من المسلمين عن الإسلام في عهد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه ؛ إذ كان الصحابة رضوان الله عليهم مستعدين حذرين من الفتنة الكبرى (فتنة الدجال) بإيمان صادق وسلوك قويم ؛ فتجاوزوا ما دونها من الفتن بسلام !!
ولو استعرضنا كل ما مر على الأمة من فتن كثيرة لوجدنا أنهم ما انتصروا على فتنة إلا وكان السبب إيمانهم العظيم بالله تعالى وسلوكهم القويم -بعد توفيق الله تعالى – وذلك عندما عرفوا من كلام نبيهم -صلى الله عليه وسلم- عن صفات الأعور الدجال وما يجري على يديه من خوارق العادات، حتى أنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فيقول له المؤمن بإيمان ومعرفة: (أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه) . فلمّا عرفوا كيف يواجهون من أجرى الله على يديه هذه الخوارق العِظام، وأن يكونوا شجعانا فلا يهابونه، وهي أعظم الفتن كما بين- صلى الله عليه وسلم – كان ما دونها من الفتن أهون عليهم بتثبيت من الله تعالى !!
إن الفتن كثيرة كقطع الليل المظلم ، وعلى رأسها فتنة الدجال ؛ لذا يحتاج الحذر منها إلى الإيمان والعمل الصالح .
عمل صالح يترجم هذا الإيمان إلى أعمال تواجه الفتن بحزم وثبات ، والثبات من الله في الدنيا والآخرة يكون للذين آمنوا وعملوا الصالحات، قال تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفِي الآخرة) !!
وأخيرا فأظن أن القارىء الكريم قد فطِن لسبب اختياري عنوان المقال:
“الحذر من فتنة الدجال . خط الدفاع العظيم ضد كل الفتن التي تمر بالمسلمين” !!
لأن الإيمان والعمل الصالح المطلوبين ليثبتنا الله بهما في فتنة الدجال هما فعلا خط الدفاع الأول من كل الفتن !!
توصية: أوصي نفسي وكل مسلم ومسلمة قراءة ما ورد في السنة المطهرة من أحاديث عن فتنة المسيح الدجال !!
اللهم إنَّا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!