الحلقة الثامنة بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام : ٣٣] !!
بعد أن سبقت الإشارة في الحلقة السابقة إلى تكذيب المكذبين من أهل الكتاب بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ وبالحق الذي جاء به .. وكذلك تكذيب عموم غير المسلمين من كل نحلة وملة، وذلك إلى قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل : ١٤]: فإننا نحتاج بعد ذلك إلى هداية الآية الكريمة التي هي موضع التأمل في هذا المقال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}، لتطمئن بها نفوسنا، خاصة في هذا العصر الذي بلغ فيه التكذيب الكُبَّار لمنهج الإسلام القويم؛ ورميه بالتخلف والجمود مبلغا عظيما !!
الآية الكريمة تبدأ بالحديث عن الحزن الشديد الذي كان يعتصر قلب نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم من تكذيب المكذبين له؛ ولِما جاء به من الحق: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} !!
ولا غرابة إذن أن يحزن المسلم الصادق في زماننا؛ حين يرى تكذيب المكذبين من غير المسلمين بالحق؛ وخاصة إعراضهم عن شريعة الله تعالى الصالحة لكل عصر .. فنتج عن ذلك فساد عريض لا قِبل لهم به، ولن ينفكوا عنه إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم والكتاب الدي جاء به -تماما كما كان ذلك شرطا لخروجهم من الكفر عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ • رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً • فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة : ١-٣] !!
غير أن القرآن الكريم بين أن شدة الحزن مهلك للنفس، قال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء : ٣]، ومن ثم وجه الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بعدم الحزن على تكذيب المكذبين، قال تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل : ٧٠]، قال أهل التفسير: “ولا تحزن على إعراض المشركين عنك وتكذيبهم لك، ولا يَضِقْ صدرك مِن مكرهم بك، فإن الله ناصرك عليهم.” !!
ومادام الأمر كذلك: فلا تحزن أيها المسلم وأيتها المسلمة؛ من اتهام المكذبين من غير المسلمين لإسلامنا بالرجعية والجمود، ولرسولنا عليه الصلاة والسلام بالكذب والجنون، فإنهم يعلمون أننا على الحق المبين، قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} !!
ولا تحزني أيتها المسلمة من اتهام المكذبين من غير المسلمين لك بأنك مهضومة الحقوق، وأنك تبع للرجل .. فهم يعلمون أنك الطاهرة العفيفة المستسلمة لرب العالمين، ويعلمون أنك على الحق المبين، قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} !!
وأخيرا: لابد للمسلمين أن يدركوا أن ثباتهم على الحق وصبرهم عليه؛ هو أمضى سلاح نقاوم به مكر المكذبين وكيد الكائدين، قال تعالى: {فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى : ١٥] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!