التأمل المفيد (٢٣٩)

الحلقة السابعة بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} [القصص : ٥٠] !!

أدرك مثقفو البشر وعامتهم أن مواجهة أي مرض جسدي عُضال؛ لا يكون بأخذ الإنسان ما تهواه نفسه من علاج، ولا يكون كذلك برفض ما يقرره له المختصون من ممارسات تحفظ له -بإذن الله تعالى- صحته !!

وكذا من أراد تشييد مبنى -وهو لا يعرف شيئا عن الهندسة، ومواصفات ومقادير مواد البناء- لا ينبغي له مباشرة بناء منشأته على هواه؛ وإلا فإن المبنى يوشك أن يخر ساقطا عليه !!

ولله المثل الأعلى .. فكيف عساه يكون خطر اتباع المسلم هواه؛ أو هوى غيره -فيما جاء في ديننا عن إصلاح الفرد نفسه، أو أسرته، أو مجتمعه- الذي بين القرآن الكريم ألّا ضلال بعده، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} ؟؟!!، ذلك أن صلاح الفرد والأسرة والمجتمع أمر تُبنى عليه سعادة الدنيا والآخرة، قال ذلك رب العالمين: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ • نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت : ٣٠-٣١]، ويا سعد من تولاه الله تعالى في الدنيا والآخرة !!

وقد حذّر القرآن الكريم والسنة المطهرة من اتباع الهوى:

أولا: القرآن الكريم:
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية : ١٨]، قال أهل التفسير: “ثم جعلناك -أيها الرسول- على منهاج واضح من أمر الدين، فاتبع الشريعة التي جعلناك عليها، ولا تتبع أهواء الجاهلين بشرع الله الذين لا يعلمون الحق. وفي الآية دلالة عظيمة على كمال هذا الدين وشرفه، ووجوب الانقياد لحكمه، وعدم الميل إلى أهواء الكفرة والملحدين.” !!
وقال تعالى: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء : ١٣٥] !!

ثانيا: السنة المطهرة:
شدة غضب النبي صلى الله عليه وسلم لمن أفتى من الصحابة -رضوان الله عليهم- من عند أنفسهم؛ للرجل المحتلم؛ حتى مات بسبب فتواهم، فقال: (قتَلوه، قتَلَهم اللهُ، ألَا سألوا إذ لم يَعْلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السؤالُ، إنَّما كان يَكْفيه أنْ يتيَمَّمَ ويَعْصِرَ أو يعصِبَ -شكَّ موسى- على جُرْحِه خِرْقةً، ثمَّ يمسَحَ عليها، ويغسِلَ سائرَ جسَدِه.) [رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٣٣٧)] !!

وأخيرا: سؤال يطرح نفسه: ما هو علاج مرض اتباع الهوى ؟!
الجواب: العلم -الذي يرجو المؤمن من ورائه رضى الله تعالى- أو سؤال أهل العلم إن كان لا يعلم !!

ولذا فقد عظّم الإسلام من أمر العلم الشرعي وتعلُّمه وتعليمه، جاء ذلك في كثير من آي الكتاب الحكيم؛ وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم !!

أولا: القرآن الكريم:
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة : ٢]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة : ١٢٢]، وقال تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} [مريم : ٤٣]، وغيرها كثير !!

وكذلك وجه القرآن الكريم بسؤال أهل العلم؛ إذا لم يعلم أحدنا مسألته، قال تعالى: {ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل : ٤٣] !!

ثانيا: السنة المطهرة:
قال صلى الله عليه وسلم في تعظيم شأن العلم: (منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ) [رواه مسلم (٢٦٩٩)]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ)[متفق عليه] !!

وكذلك وجه صلى الله عليه وسلم المسلم -كما مر معنا آنفا- بالسؤال إذا لم يعلم، قال صلى الله عليه وسلم: (قتَلوه، قتَلَهم اللهُ، ألَا سألوا إذ لم يَعْلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السؤالُ) !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!