التأمل المفيد (٢١٧)

الحلقة الخامسة والثمانون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبإ : ٢٣]، قال أهل التفسير: “ومن عظمته وجلاله عز وجل أنه إذا تكلم سبحانه بالوحي فسمع أهل السماوات كلامه أُرعدوا من الهيبة، حتى يلحقهم مثل الغشي، فإذا زال الفزع عن قلوبهم سأل بعضهم بعضًا: ماذا قال ربكم؟ قالت الملائكة: قال الحق، وهو العليُّ بذاته وقهره وعلوِّ قدْره، الكبير على كل شيء.” !!

نقف مع هذه الآية الكريمة متأملين ومتدبرين:

لفتت الآية الكريمة: {حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ}، إلى حالة الغشي التي يكون عليها أهل السماوات وهم يسمعون الرب العظيم وهو يتكلم كلاما يليق بجلاله سبحانه !!
ولذلك ينبغي أن يكون أعظم ما يشد المؤمن إلى قراءة القرآن الكريم، وحفظه كاملا، أو حفظ سور منه، والعمل به؛ هو إيمانه أن الله تعالى تكلم بهذا القرآن !!
فنحمدالله تعالى حمدا كثيرا أن جعلنا من أهل السنة؛ الذين يثبتون لله صفة الكلام -بما يليق بجلاله- بدون تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تشبيه !!
كما نحمده سبحانه أن أكرم المؤمنين -حتى الأمي العامي منهم- بفرض قراءة شيئ من كلامه سبحانه؛ سورة الفاتحة، في كل ركعة، وجعلها ركنا من أركان الصلاة !!

وإذا جمع المسلم عند تلاوته للقرآن الكريم أو سماعه له بين إيمانه بأن ما يتلوه هو كلام؛ تكلم به رب العالمين، مع تدبره لكلام ربه؛ إذا جمع بينهما المسلم فإنه بلا شك يحصل له من تعظيم الله تعالى القدر الكبير !!

مثال: أي قدر من التعظيم لله تعالى يحصل في قلب من يؤمن بأن الله تعالى تكلم بهذا القرآن؛ إذا قرأ -متدبرا- ما تكلم به ربه العظيم؛ في هذه الآية الكريمة: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام : ٧٣] ؟؟!! لا شك سينشأ في قلبه من التعظيم لله  تعالى القدر الكبير !!

وأخيرا: فإن ممّا زاد أهل القرآن غبطة وسرورا؛ أنهم سيُدعون إلى ترتيل ما تكلم به الله تعالى -القرآن الكريم- هناك في الآخرة، في محفل رباني، قال صلى الله عليه وسلم : (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٢٤٠)] !! فأي شرف يتطلع إليه حملة كتاب الله تعالى؛ العاملين به، أعظم من هذا الشرف ؟!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!