التأمل المفيد (٥)

الحلقة الخامسة من سلسلة “كونوا ربانيين”، قال تعالى: {وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران : ٧٩] !!

في هذه الحلقة أرغب في أن يحصل لدى القارئ الكريم قناعة بضرورة معرفة أسماء الله تعالى وصفاته؛ وذلك بعرض اسم واحد من أسماء الله تعالى؛ من أكثر الأسماء استخداما عند المسلمين -اسم الله تعالى الوكيل، حيث نسمع من المسلمين دائما قولة أنا متوكل على الله تعالى- لنرى مدى تطابق ما يعرض عن هذا الاسم العظيم من كتاب الله تعالى، مع ما لدينا من استيعاب وفهم له .. ومن ثم نصل إلى قناعة بضرورة الإقبال على تعلم أسماء الله الحسنى وصفاته العليا من الكتاب والسنة !!

قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر : ٦٢]، قال أهل التفسير: “وكيل أي أن الله الذي خلق كل شيء .. يتصرف في كل ما خلق متى شاء وكيف يشاء” !!

ولتقريب معنى (وكيل) أضرب مثالا:
نحن إذا كتبنا لشخص وكالة عامة وصدّقناها من كاتب عدل في المحكمة .. فإن هذا يعني أن الشخص الذي أعطيناه هذه الوكالة العامة له حق التصرف في كل ما نملك كيف شاء ومتى شاء .. ولله المثل الأعلى فإن الله وكيل على كل ما خلق .. يتصرف فيه كيف يشاء ومتى يشاء  .. قال تعالى: {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام : ١٠٢] !!

والله تعالى يتصرف في كل ما خلق، متى شاء وكيف شاء، سواء كانت الأشياء حسية مادية أو معنوية قلبية !!

أولا: وكالة الله تعالى على الأشياء الحسية المادية: أمر سبحانه السمك في البحر ألا يأتي قرية من قرى اليهود الساحلية إلا يوم السبت؛ فأذعن السمك لأمره سبحانه، قال تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ}[الأعراف : ١٦٣].. أذعن السمك لأمر الله تعالى لأن الله تعالى وكيل عليه !!
والأمثلة كثيرة في هذا الباب .. فالله الوكيل سبحانه يتصرف كيف يشاء في الكون وما فيه !!

ثانيا: وكالة الله تعالى على الأشياء المعنوية القلبية:* الله تعالى وكيل على القلوب وهدايتها إليه، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الزمر : ٤١]، قال أهل التفسير: “أي لَسْتَ مأموراً بإرغامهم على الاهتداء” !!
والأمثلة كثيرة في هذا الباب .. فقد أرعب الله تعالى قلوب اليهود ، قال تعالى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر : ٢] !!

ونخلص إلى أنك تتوكل على الله تعالى لعلمك أن الله تعالى وكيل على كل ما خلق؛ يتصرف فيه كيف يشاء ومتى شاء سبحانه !!

وأخيرا : إذا كانت هذه المعاني العظيمة جاءت في حق اسم واحد من أسماء الله تعالى .. فكيف لو عرف الواحد منا باقي الأسماء الحسنى والصفات العلا ومعانيها ومدلولاتها من الكتاب والسنة  ؟!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!