الحلقة الثانية عشرة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف : ١٧٠] !!
متى تتجاوز علاقة البعض بكتاب ربنا سبحانه مرحلة القراءة للأجر فقط؛ إلى مستويات أرقى وأرفع وأهم وأعظم ؟!! 
متى ترقى العلاقة إلى مستوى وصف المستمسك بالكتاب ؟!!
مِمَّا يعجبني في حياة بعض الطلبة النجباء في المدارس والجامعات؛ اهتمامهم بكتبهم الدراسية، حيث تعدت مرحلة القراءة للنجاح؛ إلى أن تكون استيعابا للمادة وحبا للعلم وترجمة له إلى ما ينفعه وينفع مجتمعه !!
وهذا وصف لبعض ما يقوم به النجباء المبرزون من الطلبة تجاه كتبهم الدراسية، ليحظى الواحد منهم بمستقبل باهر ووظيفة مرموقة: فمن قراءة متأنية لمحتوى كتابه حتى لا تفوته شاردة ولا واردة منه .. إلى التحضير لما سيشرحه أستاذه من موضوعات جديدة .. إلى التفاعل الجاد والأسئلة الذكية والمداخلات المفيدة داخل القاعة الدراسية !! إنها المعايشة للكتاب، والفرحة بالعلم، وأخذه بقوة وجدية !!
وإذا كان هذا ما يقوم به طالب نجيب تجاه كتابه الدراسي، فكيف عساه يتعامل المسلم مع كتاب ربه؛ وهو يريد أن يكون ممن قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} !! ليفوز بجنة عرضها السماوات والأرض ؟!!
إن الأوصاف التي جاءت في التعامل مع كتاب الله تعالى أرقى بكثير جدا من التعامل المميز لنجباء وأوائل الطلبة مع كتبهم !!
فالمسلم لا يقرأ كتاب ربه بتأن وتمهل فقط – كما أمره ربه تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل : ٤]- بل يعمل بما يأمره به ربه سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم – كما قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة : ٩٢]- بل يزداد حبا لكتاب ربه على أثر تدبره له، فيخشع قلبه وتدمع عينه -كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال : ٢]، وقال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء : ١٠٩]!! .. وبهذا التعامل مع كتاب الله تعالى، يكون أخذه لكتاب ربه بقوة -كما قال تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ۖ}[البقرة : ٩٣] !!
وأخيرا: لا شك أن القارئ الكريم يدرك الفرق بين الطالب النجيب وزميله المفرط؛ والنتيجة التي قد ينتهي إليها كل منهما ! كما يدرك الفرق بين من يتعامل مع كتاب ربه بالطريقة التي يحبها الله تعالى، وبين المفرط في ذلك؛ والنتيجة التي قد ينتهي إليها كل منهما !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!
