الحلقة الثالثة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَة} [البقرة : ٢١٣] !!*
كيف تنازل غير المسلمين عن القيم الربانية الصحيحة، وانحدروا إلى هذا المستنقع الأخلاقي البشع ؟!
جوابان، قصير وطويل: أمّا القصير فهو بسبب تمردهم على منهج خالقهم سبحانه، الذي خلقهم ويعلم ما يصلح أحوالهم !!
*وأمّا الطويل: فهو خطأ غريب وغبي في فكرته، كبير كبير في سلبيته وخيبته !!*
كان بالإمكان تلافي هذا الدمار الأخلاقي الذي حل بمجتمعات غير المسلمين، لو أنهم نظروا للإنسان كما ينظرون إلى الشمس، في كونها ثابتة في أداء دورها الذي لا يتغير، سراجا وهاجا، بدلا من وصم الإنسان بالتغير !! فهو عندهم بدائي -بزعمهم- حين عاش في ما أسموه بالعصر الحجري، وعصريا كما يرونه اليوم في القرن العشرين !!*
وليتهم تذكروا أن هذا الإنسان يولد اليوم، كما كان يولد في حقبة آدم عليه السلام، جنينا بريئا، على الفطرة السوية، لتأتي الأيدي الآثمة تصرف بعض هؤلاء عن سواء السبيل !!
نقول لهؤلاء الذين يقولون إن الإنسان كان في أول تاريخه على الأرض بدائيا: لقد عاش هذا الإنسان مع إخوانه -أول عشرة قرون على هذه الأرض، بعد خروج آدم عليه السلام من الجنة- مقيما على التوحيد معتصما بالله تعالى، قال تعالى في الآية التي هي موضع التأمل: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَة}، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.[تفسير الطبري (4/ 275)] !!
ومما زاد هؤلاء العمي عمى، أنهم نظروا إلى تغير بيئة الإنسان من زراعية إلى صناعية، أو العكس، وفقيرة أو غنية، فصدّق عليهم إبليس ظنه، وأوحى إلى أوليائه أن الإنسان لابد أن يتغير في هذه البيئات المتغيرة !!
وبالرغم مما يرونه من نتائج وخيمة وجرائم أليمة جراء نظرتهم للإنسان المتغير في قيمه -بزعمهم- إلا أنهم لا يزالون يتفلتون منها أكثر وأكثر، مع مرور الزمن !!
لا زلت أذكر حينما كنت أدرس في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أكثر من أربعين سنة، صورة مرسومة على ساحل البحر، في كتاب التاريخ الأمريكي -عن النازحين الأوربيين الأوائل إلى أمريكا، فيما يسمى بعهد البيورتن- تظهر المرأة فيها محتشمة، بثياب ساترة ومنديل على الرأس، وزوجها هو الذي يسبح في البحر فقط !! ثم انظر إلى الإباحية التي انتشرت في مجتمعاتهم !!
وحتى يتعرف القارئ الكريم إلى تفسخ غير المسلمين من القيم تدريجيا مع مرور الزمن، فإنني أسوق له ما رأيته يوما في ندوة تلفزيونية عرضتها قناة إخبارية مشهورة في أمريكا، يتبجح بعض المثليين الشاذين فيها، كيف أنهم قد انتهى بهم المطاف لنيل حقوقهم وحماية القانون لهم -ويضيفوا- بعد أن كان الإعلام في أمريكا قبل خمسين سنة، يطلق دعايات على شاشة التلفاز، تحذر من الشذوذ الجنسي، وانحراف أصحابه !!
فالمسألة مسألة وقت، ثم يتخلّوا عن كل القيم التي ترتبط بالحياة السوية للإنسان، وصدق الله تعالى القائل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف : ١٧٩] !!
أخيرا: أين ذهبت تلك القيم ؟!! وما سبب زوالها ؟!! لا شك أنها قيم لم تكن لتستند على أساس راسخ من الإيمان بالله واليوم الآخر !! فتلاشت مع عواصف الباطل العاتية، قال تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} [ابراهيم : ٢٦] قال أهل التفسير: “ومثل كلمة خبيثة -وهي كلمة الكفر- كشجرة خبيثة المأكل والمطعم، وهي شجرة الحنظل، اقتلعت من أعلى الأرض؛ لأن عروقها قريبة من سطح الأرض ما لها أصل ثابت، ولا فرع صاعد، وكذلك الكافر لا ثبات له ولا خير فيه، ولا يُرْفَع له عمل صالح إلى الله !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!