الحلقة الخامسة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!
كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم -التي أمرنا الله تعالى ورسوله بها- تعني كثرة الدعاء له صلى الله عليه وسلم، ليجزيه الله تعالى خير ما جزى نبيا عن أمته .. فالصلاة هي الدعاء !! ولا تعني أبدا منحه شيئا من صفات الله تعالى كما يفعل الغافلون !! حتى قال أحد الغلاة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم .. مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً) [متفق عليه]!!
كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعيننا على دوام تذكر أفعال وأقوال من أمرنا الله تعالى بالتأسي به صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب : ٢١]، فيعيننا هذا التذكر على الالتزام بسنته صلى الله عليه وسلم في أمور حياتنا كلها .. ولا تعني أبدا إحداث بدع واحتفالات -في يوم من أيام العام- للتغني والتمايل عند سرد سيرته صلى الله عليه وسلم !!
وبالتأمل في الآيتين الكريمتين، قول الله تعالى -{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب : ٥٦]- وقوله تعالى -{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب : ٢١]- نخلص إلى أن الذكر الكثير إنما يكون لله تعالى وحده .. كما أن الدعاء الكثير يكون للنبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه ..وأن ضابط هذين المطلبين هو التأسي به صلى الله عليه وسلم، لأنه أكثر الناس ذكرا لله تعالى، وهو أكثر الناس دعاء لنفسه، صلى الله عليه وسلم !!
إن تعبيد الناس لرب العالمين هو الأمر الجلل الحاضر في ذهن الأنبياء عليهم السلام !! ولذا أجاب صلى الله عليه وسلم الصحابي الذي سأله مرافقته في الجنة: (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)[رواه مسلم] !!
في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!