التأمل المفيد (١١٨)

الحلقة الرابعة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!

يأبى الغافلون إلا أن يكون الرسول المرسل إليهم من الله تعالى شخصا ليس من بني البشر ، قال تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن : ٦] !! ويأبى الله تعالى إلا أن يكون الرسول المرسل إلى الناس بشرا، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُم} [فصلت : ٦] !!

يريد الغافلون أن يكون الرسول المرسل أعلى من البشر; بمنحه من صفات الله تعالى ما يشتهون، قال تعالى: {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام : ٥٠] !! وهو ديدنهم في كل الأديان المحرّفة والفرق الضالة !! حتى قال قائلهم في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم :
يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به
سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمم .. وهذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله !!

جهل الغافلون أن البشر يزدادون تعظيما لخالقهم؛ متى ما تعاملوا مع رسلهم -وفق منهج الله العليم الحكيم- على أنهم بشر !! عرف ذلك الأنبياء عليهم السلام وعلى رأسهم سيد الأولين والآخرين !! فأخذ صلى الله عليه وسلم يعلم ويربي أصحابه رضوان الله عليهم ليتعاملوا معه صلى الله عليه وسلم كبشر، وليس كإله !! قال صلى الله عليه وسلم يوما للرجل الذي قال له : ما شاء الله وشئت: ((أجعلتني لله نداً؟ ما شاء الله وحده) !! صححه الألباني [تحذير الساجد (145)] !!

إن الهدف الذي يسعى إليه كل الرسل عليهم السلام؛ هو تعبيد الناس لرب العالمين، وليس تعبيدهم للرسل أنفسهم، قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّه} [آل عمران : ٧٩] !!

في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!