التأمل المفيد (١٠٨)

الحلقة العشرون من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!

قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : ٧٢] !!

تبين من المقالات السابقة أن من لُطف الله تعالى بعباده المؤمنين أن يسر لهم -في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن الجنة- يسر لهم كلمات تُعد مفاتيح للتلذذ بذكر الجنة؛ وما فيها من نعيم، ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
نواصل في ذكر الأمثلة على ذلك:

إذا قال تعالى للمؤمنين: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : ٧٢]؛ فإن كلمة “رِضْوَانٌ” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح النعيم برضوان الله تعالى في الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ}- إلا استحضار جمال المشاعر التي تختلج صدر المؤمن في هذه الدنيا -إذا كان حَسَن الخُلق، حَسَن التعامل- حين يرضى عنه الناس -وقد يكون هذا الرضا من الناس مقدمة لرضوان من الله تعالى على بعض عباده؛ بوضع القبول لهم في هذه الدنيا- ثم يقول في نفسه -بعد هذا الاستحضار-: فكيف هي مشاعر الفرحة في نفس المؤمن إذا سمع قول ربه سبحانه في الجنة: (أحل عليكم رضواني) ؟؟!!
وهذا الرضوان من الله تعالى لأهل الجنة؛ ورؤيتهم لوجهه الكريم سبحانه؛ هو أكبر نعيمها -{وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}- وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالَى يقولُ لأهْلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ؟ فيَقولونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنا وسَعْدَيْكَ، فيَقولُ: هلْ رَضِيتُمْ؟ فيَقولونَ: وما لنا لا نَرْضَى وقدْ أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِكَ، فيَقولُ: أنا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِن ذلكَ، قالوا: يا رَبِّ، وأَيُّ شيءٍ أفْضَلُ مِن ذلكَ؟ فيَقولُ: أُحِلُّ علَيْكُم رِضْوانِي، فلا أسْخَطُ علَيْكُم بَعْدَهُ أبَدًا.)[متفق عليه] !!

وإذا قال تعالى للمؤمنين: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ} [فاطر : ٣٣]، فإن كلمة “يُحَلَّوْنَ” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح التلذذ بذكر حُليّ أهل الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ}- إلا استحضار جمال منظر الحلي من الذهب واللؤلؤ -التي أجاز الإسلام للنساء التزين بها في الدنيا؛ أمام نساء مثلهن، وأمام الزوج والمحارم من الرجال- وهو جمال يعرفه الواحد منا، ثم يقول في نفسه: فكيف بجمال أساور الذهب واللؤلؤ في الجنة؛ التي يلبسها حتى الرجال ؟؟!!

وأخيرا: هكذا هي جنات النعيم؛ تشتاق لها نفوس المؤمنين عند تلاوة آيات الكتاب الكريم؛ وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ بتأن وتمهل وتدبر !!

اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!