التأمل المفيد (١٠٧)

الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!

قال الله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف : ٧١] !!

تبين من المقالين السابقين أن من لُطف الله تعالى بعباده المؤمنين أن يسر لهم -في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن الجنة- يسر لهم كلمات تُعد مفاتيح للتلذذ بذكر الجنة؛ وما فيها من نعيم، ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
نواصل في ذكر الأمثلة على ذلك:

إذا قال تعالى للمؤمنين: {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} [الزخرف : ٧١]، فإن كلمة “يُطَافُ” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح التلذذ بذكر وِلدان الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ}- إلا استحضار الراحة النفسية والرضا عند رؤية الخدم في الدنيا في لبس موحد؛ يتفانون -لجودة تدريبهم- في خدمة الضيوف في المناسبات الكبيرة، ثم يقول في نفسه: فكيف بالوِلدان المخلدين في جنات النعيم؛ الذين خلقهم الله تعالى لأمر واحد؛ هو خدمة عباده المؤمنين في الجنة؛ يطوفون عليهم بالطعام والشراب، في صِحاف وأكواب من ذهب .. وكأن هؤلاء الوِلدان في الصفاء والبياض والتناسق لؤلؤ مصون في أصدافه، قال تعالى:  {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} [الطور : ٢٤] ؟؟!!

وإذا قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فيها ويَشْرَبُونَ، ولا يَتْفُلُونَ ولا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ قالوا: فَما بالُ الطَّعامِ؟ قالَ: جُشاءٌ ورَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْكِ)[رواه مسلم (٢٨٣٥)]، فإن الجملة من قوله صلى الله عليه وسلم: “ولا يَتْفُلُونَ ولا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ”؛ هي مفتاح التلذذ بذكر طريقة تخلص المؤمن من الفضلات بعد تناوله للطعام والشراب في الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يَتْفُلُونَ ولا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ)- إلا استحضار السلوك الجيد الذي يبذله الإنسان في الدنيا؛ ليتخلص -بأدب وبدون أن يؤذي أحدًا- من تفله ومخاطه وبوله وغائطه، ثم يقول في نفسه ما أرقى الحياة في الجنة؛ التي أذهب الله تعالى عنا فيها الأذى الخارج منا بعد الطعام والشراب -بكل أنواعه- في النشأة الأخرى التي سيكون عليها المؤمن في جنات النعيم .. نشأة يخرج منها الأذى من المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم: (جُشاءٌ ورَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْكِ) ؟؟!!

وأخيرا: هكذا هي جنات النعيم؛ تشتاق لها نفوس المؤمنين عند تلاوة آيات الكتاب الكريم؛ وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ بتأن وتمهل وتدبر !!

اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!