الحلقة الخامسة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!
لابد من التحليق بخيالك الواسع الجميل وأنت تتناول نصا من نصوص الكتاب والسنة التي تحدثت عن الجنة !! لأن من شأن ذلك أن يلهب الشوق إليها !!
قال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} [الصافات : ٢٢]، قال أهل التفسير: “ويقال للملائكة: اجمَعُوا الذين كفروا بالله ونظراءهم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، فسوقوهم سوقًا عنيفًا إلى جهنم” !!
إن بيئة الجنة قد خلت من وجود الظلم والظالمين .. ولتذوق ذلك: تخيل معي وقد خلت مدينة من مدن الأرض من الظلم والظالمين .. وأصبح الظلمة ملعونين مكبوتين فيها -{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف : ٤٤]- ليس فقط أنهم لا يتجرأون على ظلم أحد !! بل منكسي الرؤوس: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} [السجدة : ١٢] !!
هذه هي حياة الجنة، لا يتأذون فيها من ظلم الظلمة، ولا يخافون من أَذى الناس وسبابهم، قال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} [الواقعة : ٢٥] !!
نواصل في التحليق بخيالنا في زوايا وخفايا العيش في بيئة انتفى فيها الظلم والعدوان .. من ذلك: أن الظلمة مكبلون بالقيود في عذاب شديد -{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ • فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر : ٧١-٧٢]- والله إنها لحالة نفسية مفرحة حين يأمن الإنسان من أن أحدا لن يظلمه !!
وفي عصرنا -العصر الذي تفشى فيه الظلم وانتفش فيه الظلمة- نجد أن تذوق تلك الحياة الأخروية الجميلة الآمنة جميل جميل .. فلا واسطات ينعم بها البعض؛ ويُظلم بسببها آخرون !! لا رشاوى يقتطع به البعض ما ليس له بحق !! لا عقوق للوالدين !! لا وجود لكفار يستعلون على المسلمين !! لا وجود ليهود يسعون في الأرض فسادا !! لا إباحية تتسبب في انحطاط كتل من البشر -ففي الجنة: {وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [الصافات : ٤٨] !!- .. لا وجود للفقر والفقراء -{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن : ٤٦] !!- لا قتل ولا نصب ولا اغتصاب !! لا هيئات للأمم؛ تتحكم دول كبرى فيها بمصير كثير من الدول !!
وبهذا الخيال الواسع الجميل مع نص ممّا ورد عن الجنة؛ يلتهب شوقنا إليها !!
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!