الحلقة الثالثة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!
لا زلت في تأمل ضخامة وكبر الجنة !! فقد جاء في الحديث عن آخر الناس دخولا الجنة ممن يخرج من النار من عصاة المسلمين: ( … فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا، وعشرة أمثالها …) رواه البخاري ومسلم !!
وتأملي هنا هو في بيان الله تعالى في القرآن الكريم أن أهل الجنة -مع ضخامة ما يُعطى داخلوها- مشغولون بنعيم الجنة !!* قال تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس : ٥٥] !!
وكلنا يعلم معنى كلمة مشغول في هذه الدنيا !! يعني لا فراغ عند هذا الإنسان البتة من شدة انشغاله !! لكنه في الجنة انشغال في ما لا يخطر على بال، وفي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من أنواع النعيم !!
وإذا كنّا في هذه الدنيا، التي لا يملك أكثر الناس انشغالا فيها -ممن لا يمكن مقابلته بسبب انشغاله سوى بالحجز المسبق- سوى حيّز ضئيل من مساحة هذه الأرض مهما كبُر !! لمشاركة مليارات البشر معه الحياة عليها !! فكيف عساها تكون مشاغل من سيملك في الآخرة عشرة أمثال هذه الدنيا لوحده، هو وأهله والولدان المخلدون ؟!! فكيف بمن سيملك أكثر منه بأضعاف كثيرة كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصالحين ؟؟!!
لا يمكن لنا وصف مشاغل من امتد ملكه في الآخرة إلى أضعاف أضعاف دنيانا !! لكن بوسعنا أن نحلق بخيالنا الواسع، ونطلق أمانينا الجميلة -كلما ذكرتنا الكعبة بالجنة، وكلما قرأنا قوله تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا ..} [ق : ٣٥]، وكلما قرأنا قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} !!!- كيف عساه يكون هذا الانشغال في جنات النعيم ؟!!!
هل سبب هذه المشاغل تزاحمها عند من سكن الجنة، لكثرة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، الذين يتمنى رؤية كل واحد منهم على حده !! أم رؤية آلاف آلاف من الصالحين، وعلى رأسهم صحابة الرسل عليهم السلام وحواريهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين !! مع أن ذلك شغل يسير بجانب انشغال الروح والنفس والجسد بأكبر نعيم الجنة !! رؤية الله تعالى الأعز الأكرم !!
لا شك أن الانشغال في الجنة يجلي لنا تساؤلنا: كيف سنقضي أوقاتنا في الجنة ؟!! فهناك في الجنة ما لا يخطر على البال من المشاغل !! لعلي -بعون الله تعالى- أحلق بخيالي في بعضها في حلقة قادمة !!
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!