التأمل المفيد (٧٢)

الحلقة الحادية عشرة من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!

استمر -بتوفيق الله تعالى- في طرح بعض الواجبات المنسية التي لا يتوب بعض الناس من تركها، وبعض المنهيات المنسية التي لا يتوب بعض الناس من فعلها !!

من الواجبات المنسية عند البعض؛ الدعوة إلى الله تعالى !! بالرغم من توجيهات النصوص الشرعية بذلك، قال تعالى: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف : ١٠٨]، قال أهل التفسير: “قل، يا محمد، هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته، ويدعو إليه على بصيرة أيضًا من اتبعني وصدقني وآمن بي” !!

وأنا هنا سأقتصر على طرح أمرين اثنين فقط؛ ستدفع هذا البعض -الذي تناسى وجوب الدعوة إلى الله تعالى- تدعوه لا محالة إلى سؤاله تعالى العفو والمغفرة عن التقصير في الدعوة إليه في الماضي؛ وسؤاله الإعانة والتوفيق على النهوض بها الآن وفي مستقبل الزمان وإلى الممات !!

كيف ينسى ضرورة الدعوة؛ وإخراج الناس من الظلمات إلى النور؛ مسلم يوقن أن الله تعالى خلق جهنم ليخلد فيها الكافرين !! أفلا يحمل هذا البعض رحمة في قلبه لهم !! كما كان صلى الله عليه وسلم يقول عن الكافرين في وقته: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) [متفق عليه] ؟؟!! دعا لهم -صلى الله عليه وسلم- بالمغفرة على أذاهم له؛ وليس ليغفر لهم شركهم !!
كما كانوا عليهم السلام يخشون عليهم من عذاب يوم عظيم، قال تعالى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء : ١٣٥] !!

فكيف إذا كانت دائرة الغفلة قد مست حتى بعض أبناء المسلمين؛ لدرجة الإلحاد !! أنتركهم يسقطون وإلى جهنم -إن لم يتوبوا- يخلدون ؟؟!! أين الرحمة ؟! قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : ١٠٧] !!

والأمر الثاني: هل يعتز أهل الباطل من شتى الملل وَالنِحل الغابرة والحاضرة؛ بباطلهم فيدعون إليه وينافحون عنه !! ويكسل بعض المسلمين عن الدعوة إلى دينهم الحق؛ ويخلدون إلى الدنيا وملذّاتها ؟؟!!
لا شك أن مرض الغثائية -الذي ورد وصفه في الحديث الصحيح- هو الذي أصاب هذا البعض؛ فنسوا واجب الدعوة إلى الله تعالى !!

إن العزة -التي يجدها أهل الباطل في نفوسهم؛ والتي تدفعهم إلى نصرة باطلهم، قال تعالى: {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص : ٦]- هذه العزة حري أن يتحلى بها المسلم، ليندفع بقوة أثرها إلى الدعوة، قال تعالى مبينا ضرورة الاعتزاز بالدِين: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران : ١٣٩]، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون : ٨] !!

ولنا أن نتصور بعد ذلك ضخامة الأثر الإيجابي جراء التوبة من ذنب ترك الدعوة إلى الله تعالى الذي وقع فيه البعض، وكم ستنقذ الدعوة من أناس كانوا عن هدى الله تعالى غافلين !!

اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!

نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!