الحلقة الرابعة من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!
أشهر مصطلح إداري يتداوله كثير من الإداريين في هذا العصر هو مصطلح “التخطيط الاستراتيجي” !! ولذلك رأيت أن أطرح في هذه الحلقة من موضوع -علوم الإدارة والإسلام- الفرق بين التخطيط الاستراتيجي للمؤسسات حين ترتبط رسالتها برسالة الله تعالى للبشرية: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ}؛ وبين المؤسسات التي لا تعير لرسالة الله تعالى أي بال؛ عند وضع رسالتها ومن ثم تخطيطها الاستراتيجي !!
صحيح أن علم التخطيط الاستراتيجي -الذي عرفته ومارسته البشرية خلال تاريخها الطويل بطريقة أو أخرى؛ خاصة مع أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام- قد تبلور في هذا العصر وخرج لمستخدميه في صورته النظرية وتطبيقاته العملية بطريقة سهلة ميسرة؛ تقدمها بيوت الخبرة لعشرات الألوف من المنظمات المختلفة في كل البلدان بدون استثناء !!
لكن الحقيقة التي يجب أن يعرفها منظرو الإدارة أن الفشل سيكون حليف أي منظمة لا تصيغ رسالتها ولا تضع خططها الاستراتيجية وفقا لرسالة الإسلام العظيمة، حتى لو كانت هذه المؤسسة مؤسسة طبية !! وسأختار منظمات وهيئات الصحة العالمية عند غير المسلمين كمثال في هذا المقال !!
نعم: إن منظمات وهيئات الصحة العالمية عند غير المسلمين عجزت -رغم تخطيطها الاستراتيجي المبهر لإنجاز أهدافها وتحقيق رسالتها- عجزت وفشلت في أكبر أهدافها، وهو الحد من تفاقم الأمراض، حتى ارتفعت أمراض الجنس خلال العقود الأخيرة من مرضين إلى خمس وعشرين مرضا، كثير منها ليس له علاج حتى الآن !! وغير ذلك من الأمراض المرعبة المخيفة !!
لذلك ينخدع الكثيرون بالتقدم العلمي الكبير والهائل في مجالات الطب المختلفة عند غير المسلمين في هذا العصر !! لكن الحقيقة المحزنة أن الأمراض تزيد ولا تنقص !! وحتى لو قدر الله لهم ونجحوا في علاج كثير من الأمراض؛ فإن أمراضا جديدة ستنزل عليهم؛ عقوبة من الله تعالى، والمرض من جند الله تعالى !!
والسبب الرئيس لهذه العقوبة هو عدم صياغة منظمات وهيئات الصحة العالمية ومراكز دراساتها عند غير المسلمين رسالتها وفق رسالة خالق البشر؛ {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ} !! مما جعلهم يتمردون على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها، إلا ابتلوا بالأمراض والطواعين التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا) صححه الألباني [صحيح الجامع ٧٩٧٨] !!
وظهور الفاحشة عند غير المسلمين يتمثل في تشريع زواج المثليين، كما شرّعوا لأنفسهم استحلال فاحشة الزنا؛ شريطة رضى الطرفين، وحموا هذه التشريعات بقوة القانون !! وأظهروا هذه الفواحش بالصوت والصورة، وأشبعوا الأثير بها؛ ليلتقطها ضِعاف النفوس؛ قليلي الخوف من الله تعالى؛ في أجهزتهم الإلكترونية !!
وأخيرا: ليس فشل التخطيط الاستراتيجي مقتصرا على هيئات الصحة العالمية ومراكز دراساتها عند غير المسلمين !! بل يجري على غيرها من المؤسسات لديهم: تلك التي تتمرد على خالقها، ولا تصيغ رسالتها ولاتضع خططها الاستراتيجية وفق رسالة الله تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ} !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!