الحلقة الثانية عشرة بعد المائة من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية”، قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] !!
جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ذِكر اسم مجموعة من الحيوانات والطيور والحشرات؛ منها الحِمار الذي شبّه الله تعالى اليهود بصفة من صفاته؛ وهي عدم فهم الحمار لِما يحمله من كتب، وهكذا اليهود يشبهون الحمير في تلك الصفة؛ كما بين الله تعالى ذلك في الآية الكريمة -التي هي موضع التأمل في هذا المقال-: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}؛ حيث كُلِّفوا العمل بالتوراة فلم يعملوا بها .. ويبقى الحمار بعد ذلك ذا منفعة للناس؛ يركبونه في الأسفار؛ ويحملون عليه الأثقال، قال تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} [يس: ٧٢]، أمّا اليهود فلا منفعة تُرجى من ورائهم غير الفساد والإفساد !!
ومن المؤكد أن تشبيه اليهود بالحمير -لعدم قيامهم بتكاليف كتابهم التوراة- هو نتيجة حتمية لنسيانهم لربهم؛ وتركهم للعمل الصالح؛ حتى أضحوا كالبهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف فقط -أكل وشرب-، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} [محمد: ١٢] !!
ولكون اليهود أضل من الأنعام -لكفرهم-، قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: ٤٤]؛ فإنني سأبيّن -بالنصوص الشرعية- ترفُّعَ بعض البهائم والطير والحشرات عن ضلال اليهود وإجرامهم، فأقول وبالله التوفيق:
أولا:
تعظيم المقدسات والحُرُمات:
في الحديث، لما بركت القصواء -ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية، قال الصحابة -رضوان الله عليهم- خَلَأَتِ القَصْوَاءُ، خَلَأَتِ القَصْوَاءُ -أي امتنعت عن المشي-، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (ما خَلَأَتِ القَصْوَاءُ، وما ذَاكَ لَهَا بخُلُقٍ، ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إلَّا أعْطَيْتُهُمْ إيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ) [رواه البخاري (٢٧٣١)] !!
إن حبْس الله تعالى للقصواء من التقدم تجاه البلد الحرام؛ ثم فكه سبحانه حبسها بقدرته -بعد أن تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام فيه تعظيم للبلد الحرام، ومن ثم زجرها صلى الله عليه وسلم فمشت- أقول إن ما قدّره الله تعالى على القصواء يوم الحديبية لَيبعثُ في نفس المؤمن معان ومشاعر كبيرة نحو تعظيم البلد الحرام !!
فهل تبعث فِعال اليهود الإجرامية في النفس أي تعظيم للمقدسات ؟! كلا .. كلا .. لقد قلب اليهود تعظيم المسجد الأقصى إلى تدنيس؛ حين استباحوا حرمته؛ بل ويبيّتون النية لهدمه !!
وأمّا التعدي على الحُرُمات -كحرمة دم المسلم- الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (لزوالُ الدنيا أهونُ على اللهِ مِنْ قتلِ رجلٍ مسلمٍ) [صححه الألباني في صحيح الجامع (٥٠٧٧)]، فهو دأبهم منذ القدم، من ذلك قتلهم الأنبياء -عليهم السلام- بغير حق -كما همّ يهود بني النضير باغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم [السيرة النبوية لان حبان (١/ ٢٣٤)]-، ومن ذلك قتل الأبرياء في فلسطين بدم بارد مرات عديدة؛ وآخرها الإبادة الجماعية القائمة في غزة؛ للنساء وكبار السن والأطفال .. ألا ما أقبحهم من قوم؛ قدّر الله تعالى لناقة رسوله صلى الله عليه وسلم أن تكون أفضل تعظيما للمقدسات والحُرُمات منهم !!
ثانيا:
الوفاء وعدم الخيانة:
بالرغم من نجاسة الكلب الحِسِّية؛ إلا أن خصلة الوفاء فيه أهّلته لوظائف ينفع بها الناس؛ كالصيد، وحراسة الماشية، وحراسة الزرع، كما بيّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم !!
غير أن اليهود -الذين شابهوا الكلب في نجاسته-، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]؛ خالفوه في خصلة الوفاء؛ حتى صارت الخيانة وعدم الوفاء بالعهود صفتهم البارزة، قال تعالى: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} [الأنفال: ٥٦] .. ألا ما أقبحهم من قوم؛ الكلاب أوفى منهم !!
ثالثا:
إطعام الطعام، وتقديم المأوى للناس:
لبهيمة الأنعام منافع كثيرة؛ منها تغذية الإنسان بما طاب من لحومها، قال تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: ٥]، ومنها شرب ألبانها، قال تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦]، ومنها اتخاذ المأوى من جلودها، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ} [النحل: ٨٠] !!
وعلى عكس هذه المنافع الجمّة التي تقدمها لنا بهيمة الأنعام -أكل وشرب ومأوى- يقوم اليهود بتجويع أهل غزة؛ وتدمير بيوتهم .. ألا ما أقبحهم من قوم؛ الأبقار والأغنام أنفع للناس منهم !!
رابعا:
نشر العقيدة الصحيحة:
قام الهدهد بعمل جليل؛ حين استنكر الشرك الذي وجده عند قوم بلقيس، قال تعالى حاكيا قول الهدهد: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ • أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: ٢٤-٢٥] !!
أمّا اليهود -قبحهم الله- لم يكتفوا بكفرهم وشركهم -والشرك قد استنكره الهدهد- بل راحوا يُسخِّرون أموالهم وإمكاناتهم لإفساد العالمين؛ في دينهم ودنياهم .. ألا ما أقبحهم من قوم؛ طير الهدهد أغير على العقيدة الصحيحة منهم !!
خامسا:
تقديم العلاج للمرضى:
النحل حشرة نافعة نفعا عظيما، تصنع الغذاء والدواء لنا، قال تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ} [النحل: ٦٨] !!
وعلى عكس نفع النحل للناس بعسلها -الذي جعل الله تعالى فيه الشِفاء- يقوم اليهود بمنع الدواء عن أهل غزة؛ بل ويدمرون مستشفياتهم .. ألا ما أقبحهم من قوم؛ حشرة النحل أنفع للناس منهم !!
وبعد، فليس ما يقوم به اليهود من أفعال إجرامية تجاه المسلمين في غزة أمرا نشازا منهم؛ بل هذا هو دأبهم مع المؤمنين على الدوام، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: ٨٢] !!
فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة-؛ وبيّن لنا فيه أن بعض الحيوانات والطيور والحشرات أفضل من اليهود !!
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم اليهود المجرمين الغاصبين .. اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..