الحلقة السابعة والسبعون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٢١٧] !!
الدعاية الإعلامية الكاذبة المُغرِضة ضد الإسلام وأهله؛ هي ديدن أعداء الإسلام على مر العصور؛ لتنفير الناس عنه؛ وحرب أتباعه !!
هكذا فعل كفار قريش مع المسلمين .. إذ بالرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للصحابي عبدالله بن جحش رضي الله عنه -الذي كان أميرا على سرية؛ وقتلوا عمرو بن الحضرمي في الشهر الحرام-: (ما أمرتكم بقتال في الأشهُر الحُرُم) [نور اليقين (ص95)]؛ أقول بالرغم من تبرؤ الرسول صلى الله عليه وسلم من فِعل الصحابي وسريته؛ إلا أن قريشا وجدتها فرصة لا تُعوض لبث الدعاية المُغرِضة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم؛ أنهم يقتلون في الشهر الحرام !!
فأنزل الله ردا شافيا على تلك الدعاية المُغرِضة في الآية -التي هي موضع التأمل في هذا المقال- ومعناها: نعم، القتل في الشهر الحرام عظيم عند الله: استحلاله؛ وسفك الدماء فيه، لكن الأعظم جُرما من القتل في الشهر الحرام؛ هو ما تفعله قريش من منع الناس من دخول الإسلام بالتعذيب والتخويف؛ وجحودها بالله وبرسوله -صلى الله عليه وسلم- وبدينه؛ ومَنْع المسلمين من دخول المسجد؛ وإخراج النبي -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين منه وهم أهله وأولياؤه؛ وغير ذلك من الجرائم؛ كما قال أهل التفسير .. وبعد نزول الآية الكريمة ذهب الحُزن عن الصحابي عبدالله بن جحش وباقي أفراد سريته رضوان الله عليهم أجمعين !!
ولأن حُرمة الأشهر الحُرُم ممتدة إلى يوم القيامة؛ فقد بسط علماء الإسلام أحكام القتال فيها؛ يجدها القارئ الكريم في كُتب الفقه !!
إن منهج الدعاية الإعلامية الكاذبة المُغرِضة لم يبدأه كفار قريش .. هذا المنهج إنما بدأه إبليس الرجيم .. حكى لنا القرآن نهج إبليس في الإغواء: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: ١٧] !!
وإتيان إبليس -{لَآتِيَنَّهُم}- لإغواء البشرية؛ ووضع منهج الدعاية الكاذبة المُغرِضة؛ يكون بما توحيه الشياطين إلى أوليائهم -بالوسوسة- من ألوان الشبهات، قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: ١٢١]؛ فينتشر بذلك الباطل بين الناس؛ ولا ينجو منه إلا عباد الله المُخْلَصِون !!
ولا غرابة إذن مع -وحي الشياطين لأوليائهم- أن تُنشِئ دولة يهود جهازا حكوميا يبث الدعاية الإعلامية الكاذبة؛ أطلقوا عليه باللغة العِبرية (هاسبارا) !!
في مقال بعنوان: (الهاسبارا .. رأس حربة الدعاية الإسرائيلية لتوجيه الرأي العام العالمي)؛ جاء فيه أن هاسبارا هي:
“آلة الدعاية التي تعتمدها حكومة إسرائيل في أرجاء العالم؛ لتبييض مجازرها وانتهاكها حقوق الإنسان والقانون الدولي خلال الحروب التي تخوضها ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة” !!
وقد دلت نصوص القرآن على كثير من وسائل أهل الزيغ والضلال التي يمارسونها من خلال منهج الدعاية الإعلامية الكاذبة المُغرِضة، أقف وقفات مع بعضها، فأقول وبالله التوفيق:
الوقفة الأولى: إخفاء الجانب المظلم:
قال تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} [المائدة: ٦١] !!
هذه ممارسة بغيضة لنفاق اليهود -تُعدّ من وسائل منهجهم الدعائي المُغرِض- ذكرها الله في الآية: وهي أنهم حتى لو ادّعوا الدخول في الإسلام ظاهرا؛ فإن جانبهم المظلم يحمل حقدا دفينا؛ وبغضا شديدا للإسلام وأهله .. فكيف عساه يكون جانبهم المظلم وحقدهم الدفين علينا وهم يقترفون هذه المجازر الجماعية للمستضعفين في فلسطين ؟!!
الوقفة الثانية: التلبيس على الناس:
قال تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٤٢] !!
إخفاء الحقائق ونشر الأباطيل؛ هو كذلك عين ما يفعله اليهود اليوم؛ من خلال آلة الدعاية الكاذبة هاسبارا !!
الوقفة الثالثة: وصف المسلمين بأقذع الأوصاف؛ ممّا يؤدي إلى تنفير الناس عن الإسلام:
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: ١٣] !!
وقد زاد كفار عصرنا عن وصف كافة المسلمين بالسفه؛ إلى وصفهم بالإرهاب -ولو أنهم حصروا الإرهاب على الطائفة التي تغلو في الدين؛ من أبناء المسلمين؛ لكان ذلك مستساغا؛ ولكنهم تركوه كلمة فضفاضة لتخويف الناس من الإسلام كدين- وهو ما يُطلق عليه اليوم مصطلح: (الإسلاموفوبيا) .. مع أنهم هم من يمارس الإرهاب على المستوى العالمي !!
فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة-؛ وبين لنا فيه أساليب مكر شياطين الإنس والجن؛ حتى لا نُخدع !!
اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..