التأمل المفيد (٣٦٤)

الحلقة الخمسون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!

قال الله تعالى: {إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [المطففين: ١٣] !!

محور سابع من المحاور التي واجه بها القرآن الكريم فِرية أهل الكفر والضلال حين قالوا: القرآن أساطير الأولين .. جاء ذلك في تعقيب الله تعالى المباشر على تلك المقولة الخبيثة بقوله سبحانه: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]، قال أهل التفسير: “ليس الأمر كما زعموا، بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه، وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب” !!

وإذا كانت قلوب كفار مكة قد غشاها الران -بسبب كثرة الذنوب- فكذبت بالقرآن الكريم؛ فكيف بشعوب الحضارة المادية؛ الذين تفننوا في اختراع أشكال وألوان الذنوب المختلفة -كما سيأتي بيانه- ذنوب هجمت على قلوبهم فأماتتها؛ وأعرضوا بسبب ذلك عن القرآن الكريم وهديه ؟!!

وبالرغم من تقدم الحضارة المادية الهائل في طب أمراض القلب وجراحته؛ إلا أنهم لم يلتفتوا -ولا قدر أنملة- إلى علاج قلوبهم من الران الذي غشاها بسبب الذنوب !!

إن الذنوب أشد فتكا بالأفراد والمجتمعات من جميع أسلحة الدمار التي صنعها البشر، وقد فقه أهل الإيمان خطر الذنوب من قول رسولهم صلى الله عليه وسلم: (تُعرضُ الفتنُ على القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشربَها نكتَتْ فيه نكتةٌ سوداءُ فيصيرُ أسودَ مربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا، لا يعرفُ معروفًا ولا ينكرُ إلا ما أُشرِبَ من هَواه) [رواه مسلم (١٤٤)]؛ ففروا من الذنوب أشد الفِرار؛ كما لازموا التوبة والاستغفار؛ بالليل والنهار !!

وأمّا الأديان الباطلة المحرّفة فقد تسببت في نزع الخوف من الله تعالى من قلوب شعوب الحضارة المادية؛ فأعرضت عن شريعة الإسلام الغراء؛ وفقدوا بذلك ميزان الحلال والحرام؛ واضمحل مصطلح الذنوب من ثقافتهم؛ وتسبب ذلك كله في أعظم خسارة منيت بها شعوبهم؛ لو كانوا يعقلون .. إذ أضحت علاقتهم بالله تعالى علاقة شركية، وعلاقتهم بالأنبياء عليهم السلام علاقة عصيان .. كل ذلك بسبب فقدهم للمصدر الرباني الذي يهديهم إلى الحق في كل أمر، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: ٢٥٧] !!

ولفقدهم هذا الأمر الاستراتيجي الجلل -معرفة الحلال والحرام- فُتِحت عليهم بوابات الذنوب على مصراعيها؛ كل بوابة تدفع بذنوب لا يعلم عددها وخطرها إلا الله تعالى، منها:

بوابة الشرك بالله تعالى؛ وما جرّت إليه من ذنوب وآثام:

مع الشرك يتلاشى أمن المجتمعات، إذ لا ينعم بالأمن سوى المؤمنون؛ الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم -وهو الشرك كما قال أهل التفسير- قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} [الأنعام: ٨٢] !!

وفقْدُ الأمن يعني فقد ضرورات الحياة -الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعِرض- .. وفقْدُ هذه الضرورات لا يكون إلا بذنوب عظيمة:
ففقْدُ الدين يكون بذنوب تحارب الدين !!
وفقْدُ الأنفس يكون بذنوب عٍظام كالقتل والانتحار !!
وفقْدُ العقل يكون بذنوب تروج للمسكرات والمخدرات !!
وفقْدُ المال يكون بذنوب تحارب التعامل المالي الحلال !!
وفقْدُ العِرض يكون بذنوب تحارب الفضيلة !!

بوابة عبادة الشيطان؛ وما جرّت إليه من ذنوب وآثام:

قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: ٦٠] .. لقد أوغلت شعوب الحضارة المادية في عبادة الشيطان؛ فزين لهم سوء أعمالهم، قال تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٤٣] .. ومن شدة ولاء أحدهم للشيطان؛ كتب إنجيلا؛ أسماه إنجيل الشيطان: (The Satanic Bible)؛ كتبه الضال: (أنتون ليفي) (Anton Lavey) !!

بوابة الديمقراطية؛ وما جرّت إليه من ذنوب وآثام:

أعظم ذنوب النظام الديمقراطي هو التشريع من دون الله تعالى لحياة الناس؛ عن طريق التصويت على التشريعات المقترحة؛ والغلبة تكون للأكثرية؛ حتى لو كان المقترح خبيثا؛ مع أن الله تعالى يقول: {قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: ١٠٠] .. من ذلك التشريع لذنب عظيم؛ قتل الأجنة بالإجهاض !!

بوابة التبرج والسفور والاختلاط؛ وما جرّت إليه من ذنوب وآثام:

أقسم بالله غير حانث أن هذه البوابة فتحت على شعوب الحضارة المادية من الذنوب والجرائم ما لا يعلم قدره إلا الله تعالى .. ويكفي هذه البوابة فحشا أن يقول أحدهم عن فترة الدراسة الجامعية -متباهيا بهذا الفساد-: (‎‏ Sex, Drugs and Rokenroll Is being The Fabric of College Life) (الجنس والمخدرات وروكن رول -نوع من الموسيقى- هو نسيج الحياة الجامعية) !!

بوابة الاستعمار؛ وما جرّت إليه من ذنوب وآثام:

هذا السلوك الإجرامي العدائي الذي تمارسه دول الحضارة المادية المستكبرة؛ هو ذنب طال إثمه في المقام الأول الساسة هناك؛ ثم كل جندي ولغت يداه في دماء الشعوب المستضعفة، كما يطول كل من رضي وأيد هذه الحروب الظالمة .. من هذه الحملات الإجرامية حرب الإبادة الجماعية في غزة !!

فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة-؛ الذي أبان الله لنا فيه شؤم المعاصي والذنوب !!

اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..