الحلقة الثامنة والأربعون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!
قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [النحل: ٢٤] !!
محور خامس من المحاور التي واجه بها القرآن الكريم فِرية أهل الكفر والضلال حين قالوا: القرآن الكريم أساطير الأولين .. جاء ذلك في تعقيب الله تعالى المباشر على تلك المقولة الخبيثة بقوله سبحانه: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: ٢٥] !!
يا له من وعيد شديد لمن افترى وقال تلك المقولة الخبيثة: أن القرآن الكريم أساطير الأولين .. وهو وعيد شديد ليس بفقد الأمل في مغفرة ذنوبهم يوم القيامة؛ بل بتعذيبهم في نار جهنم على قدر أوزارهم؛ وأوزار كل من تسببوا في صدهم عن الهدى -سواء كان التأثر بهؤلاء المجرمين في حياتهم؛ أو بعد مماتهم- إلى يوم الدين .. فكيف إذا أضيف إلى أوزارهم أوزار مئات الملايين الذين يُعيدون إرسال المقولات الخبيثة على منصات التواصل الاجتماعي؛ والتي تقوم بدورها في مضاعفة مرات النشر أضعافا كثيرة؛ لا يعلم قدرها إلا الله تعالى ؟!!
وحين يُصدُّ الناس عن سبيل الله تعالى -بسبب المقولات الباطلة- فإنهم يترجمون هذا الصد بارتكاب ألوان من الإجرام تجاه الإسلام والمسلمين -قد فصّلها لنا القرآن الكريم؛ كما سيأتي بيانه- إمعانا منهم في التكذيب بالقرآن الكريم .. وسيكون أعظم من يحمل وِزر هذا الإجرام؛ أصحاب المقولات الخبيثة عن القرآن الكريم؛ من غير أن ينقص من آثام مرتكبيها شيئا، قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ} .. وقد رأى وسمع المسلمون في هذا العصر الكثير من هذه الحملات الإجرامية العدوانية على الإسلام والمسلمين، من ذلك:
أولا:
الإبادة الجماعية لأهل الإيمان، قال تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ • قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [النمل: ٤٨-٤٩]، وقد ورِث اليهود والنصارى والهندوس -في عصرنا- جريمة الإبادة الجماعية عن أسلافهم الكفار، وهو عين ما يحصل للمسلمين في غزة هذه الأيام !!
ثانيا:
إخراج وتهجير المؤمنين من أراضيهم، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ} [الأعراف: ٨٨]، وهو ما يلوح به الكيان المحتل في غزة هذه الأيام؛ أخزاهم الله !!
ثالثا:
التقول على الله تعالى: إذا كان الحديث الشريف قد بين لنا جُرم رجل مؤمن من بني إسرائيل لقوله: (واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ)؛ فغفر الله لفلان وأحبط عمله [رواه مسلم (٢٦٢١)]؛ فكيف بتقول الكفار على الله تعالى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: ٢٨]؛ فرد الله تعالى عليهم في الآية نفسها: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ؟!!
ولأن التقول على الله تعالى هو دأب الكفار على امتداد تاريخ البشرية الطويل؛ لذلك نراه قد راج في عصرنا من قِبل أحبار اليهود؛ ورهبان النصارى؛ يتقولون على إلههم وكأنما هذا الإله منصاع لأمزجتهم ورغباتهم .. وقد استمعت شخصيا لقرابة خمس وعشرين قسا يتقولون على إلههم، من هؤلاء القس (Keneth Copland)، حتى أن من تقوله -المضحك المشين- أن أمر -بنفخة من فمه؛ وبكلمات تمتم بها- مرض كورونا بالتلاشي من أمريكا -أمام جمهور من الحضور- زاعما أنه يتكلم باسم الإله .. شاهد المقطع -القصير- على اليوتيوب لهذا الهراء؛ الذي أضحى مادة للتندر :
(Judgment Is Executed on COVID-19: by Kenneth Copeland)
وها هم اليهود في الكيان المحتل يتقولون على إلههم -في إبادتهم للمسلمين في غزة- إذ يعزون ذلك الإجرام إلى نصوص في كتبهم المحرفة؛ تحثهم على القتل والإبادة الجماعية؛ زاعمين أنها كلام الإله !!
رابعا:
تفضيل الحياة الدنيا على الآخرة: وهي سمة لصيقة بالكافرين، قال تعالى: {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ • الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [ابراهيم: ٢-٣] .. وإذا كان القرآن الكريم قد حذر حتى المؤمنين من أن يلهيهم التكاثر في الأموال والأولاد عن طلب الآخرة وتفضيلها -كما بينت سورة التكاثر-؛ فكيف بإجرام الحضارة المادية؛ التي أخذ إعلامها على عاتقه الترويج لمواد -اختيرت بعناية فائقة؛ وبمنهجية مدروسة- لتشيع الفاحشة في العالمين: من العلاقات المحرمة؛ والشذوذ الجنسي؛ والتكثر من المال بالطرق المشبوهة؛ وغير ذلك من الفظائع؛ بهدف واضح وصريح: أن يصبح العالم كله مفضلا للحياة الدنيا على الآخرة ؟!!
فالحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام -دين الحنيفية السمحة-؛ الذي أبان الله لنا فيه الحملات الإجرامية التي يشنها أعداء الإسلام والمسلمين !!
اللهم حرر المسجد الأقصى؛ واحفظ المسلمين في فلسطين؛ وانصرهم على عدوك وعدوهم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) ..
وللاطلاع على جميع المقالات اكتب في قوقل: مدونة فؤاد قاضي ..