التأمل المفيد (٣٣٨)

الحلقة الرابعة والعشرون من سلسلة: “سماحة الإسلام؛ دين الحنيفية” قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة) [السلسلة الصحيحة (٢٩٢٤)] !!

 قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧]، قال أهل التفسير: “هو الذي جعل لكم -أيها الناس- الليل لتسكنوا فيه وتهدؤوا من عناء الحركة في طلب المعاش، وجعل لكم النهار؛ لتبصروا فيه، ولتسعَوْا لطلب رزقكم” !!

آية قرآنية واحدة قادرة -لو آمن أرباب الحضارة المادية بالله العظيم؛ وانقادوا لشرعه القويم- قادرة على قلب انهيار حضارتهم المتسارع؛ إلى فلاح ونجاح -{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}- نعم آية واحدة -لو عملوا بها- لعرفوا الفطرة السوية في كيفية قضاء ساعات الليل؛ ولأغلقوا (٦٩٤٨٥) بارا وناديا ليليا في أمريكا لوحدها، [المرجع لعدد البارات والنوادي الليلية في أمريكا: Bars & Nightclubs in the US] !!

هذا الدين السمح العظيم الذي هدانا الله تعالى فيه إلى التي هي أقوم في جميع أمور حياتنا؛ حتى إماطة الأذى عن الطريق قد هدانا إليها، قال صلى الله عليه وسلم: (الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق) [رواه مسلم (٣٥)] .. لا شك ولاريب أن دينا هذا شأنه؛ لم يغفل عن بيان المنهج السوي في كيفية قضاء المسلم ليله، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} !!

المسلم يقضي ليله بإنجاز واجباته -كعمل ليلي يؤديه؛ أو مناسبة يحضرها- ثم يسكن للنوم والراحة، ويقوم ما شاء الله تعالى له أن يصلي من الليل -فقيام الليل شرف المؤمن- قال صلى الله عليه وسلم: (واعلمْ أنْ شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ) [صححه الألباني في صحيح الجامع (٧٣)] !!

آية قرآنية عن الليل تعكس ثقافة أمة .. آية قرآنية عن الليل تعكس الفطرة السوية .. آية قرآنية عن الليل تجلب الأمن والسلام للمجتمعات .. آية قرآنية عن الليل تصح بها الأبدان حين تأخذ قسطها الصحيح من النوم؛ في وقته الأمثل !!

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يقضي كثير من شباب وشابات الحضارة المادية ليالي عُطل نهاية الأسبوع ؟

الجواب: يقضون ليالي عُطل نهاية الأسبوع في البارات والمراقص الليلية .. هذا لو سلّمنا أنهم لا يرتادونها أكثر من ذلك، فأكثر البارات والمراقص الليلية مفتوحة يوميا هناك !!

وأنا لن أناقش موضوع ارتياد البارات والنوادي الليلية في الغرب من زاوية الحلال والحرام؛ فهم لا يقرون: لا بحرمة الخمور؛ ولا بحرمة تبرج النساء !!

لكنني سأناقش الموضوع من خلال طرح محتوى مقال لأحد رواد هذه البارات؛ من أبناء الحضارة المادية؛ خصصه للحديث عن مخاطر البارات والنوادي الليلية !!

والغريب في الأمر أنه بالرغم من تعداده للمخاطر الكبيرة التي تحف رواد البارات؛ إلا أنه يشجع على الذهاب إليها، ويريد للقارئ فقط أن يكون على معرفة بهذه الأخطار حتى يحذر منها؛ وليس من باب التخويف من ارتيادها !!

المقال بعنوان: [مخاطر النوادي الليلية: هل النوادي الليلية خطيرة] [Clubbing Risks: Are Nightclubs Dangerous] .. وسأنهج في طرحي للمقال: إيراد بعض المخاطر التي ذكرها، ثم أعقب على كل واحدة منها .. يقول الكاتب:

من المخاطر: “انتشار تعاطي الكحول والمخدرات في النوادي الليلية، وغالبًا ما يشرب رواد النوادي بشكل مفرط” !!

أقول: وهل جاء من يرتاد هذه النوادي الليلية ليشرب الماء البارد الزلال؟! ما جاء إلا ليشرب الخمرة .. ثم من سيوقفه من الإفراط في الشرب؛ وكيف يأمن المخاطر من يشرب أم الخبائث؛ أو يتعاطى المخدرات ؟!

ومنها: “غالبًا ما تكون النوادي الليلية مزدحمة؛ مما يجعل من الصعب التنقل؛ أو العثور على مكان آمن للوقوف؛ مما يؤدي إلى وقوع حوادث؛ كالسقوط والدعس؛ بالإضافة إلى زيادة خطر السرقة والاعتداء” !!

*ةأقول: سكارى وزحام .. ماذا نتوقع سوى الحوادث الأليمة؛ والمواقف المشينة ؟!

ومنها: “وقوع أعمال العنف والعدوان في النوادي الليلية؛ خاصة عندما يتعلق الأمر بالكحول” !!

أقول: وهل ينتظرون في تلك الأجواء المليئة بالتبرج والسفور والسكر إلا العنف والعدوان؛ بل حتى القتل والاغتصاب أحيانا؛ سواء داخل النادي الليلي؛ أو بعد الخروج منه وهم في حالة السكر ؟!

ومنها: “مخاطر تدني السلامة .. يمكن أن تكون النوادي الليلية بيئات خطرة: الموسيقى الصاخبة؛ والأضواء الساطعة؛ والأجهزة المنتجة للدخان؛ قد تسبب الضغط النفسي الزائد والارتباك .. كما قد يتعرض الأشخاص أيضًا لخطر الإصابة؛ بسبب زجاج بعض الكاسات وقوارير الخمر المكسرة؛ الملقاة على أرض الملهى؛ أو خطر الأرضيات الزلقة” !!

أقول: قد سمع العالم كله عن حريق النادي الليلي في البرازيل؛ المسمى: (Kiss nightclub) -في عام ٢٠١٣ من الميلاد- الذي أودى بحياة (٢٣١ شخصا) وإصابة (٦٣٠ آخرين) !!

ثم بعد أن أسدى بعض النصائح لتجنب المخاطر المحدقة بالنوادي الليلية -والتي لا أظنها تجدي في بيئات الخمر والمخمورين؛ والتبرج والسفور- أنهى الكاتب مقاله قائلا للقارئ: “آمل ألا يمنعك هذا المقال من حضور ملهى ليلي؛ وقد عرفت الآن بعض الخطوات لتأخذ بها؛ والتي ستساعد في ضمان حصولك على ليلة رائعة” !!

أقول: بئس الكاتب، وبئست النصيحة التي قدمها .. فهو بالرغم من حديثه عن كل هذه المخاطر الجسيمة التي تحدق بالبارات والنوادي الليلية؛ إلا إنه يشجع على الذهاب إليها !!

هذا حال ليل كثير من أبناء الحضارة المادية .. فالحمدلله على سماحة دين الإسلام، حيث هدانا الله تعالى فيه إلى منهج الفطرة السوية في كيفية قضاء ساعات ليلنا !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. !!