التأمل المفيد (٣٠٧)

الحلقة السابعة والعشرون من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!

قال الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأنعام: ٤٤] !!

يعزو البعض كلمة “فتح” أو “فتوحات” دائما إلى السار من الأخبار أو الحالات، وليس الأمر كذلك !!
الفتوحات منها السار المبهج؛ ومنها الأليم المفجع .. والذي يفرق بين الفتوحات -النافعة والضارة- التي يفتح الله تعالى بها على البشر -مسلمهم وكافرهم- في شتى المجالات؛ هو السياق القرآني الكريم الذي يرافق الحديث عن ذلك الفتح؛ هل هو فتح قد حفته بركة الله تعالى ورحمته؛ أم هو خال من البركة والرحمة الربانية، قال تعالى: {مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: ٢] !!

أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: الفتوحات التي يفتح الله تعالى بها على الناس؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:

الأُسرة المسلمة: أيقنت من قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ٩٦]؛ أنه مع الإيمان والتقوى؛ يسير كل ما يفتح الله به على الأمة المسلمة التقية إلى طريقه الصحيح؛ ببركة ضبط كل هذه الفتوحات بأحكام الشريعة !!

قال ابن القيم في كلام نفيس عن البركة: “فإن الرب هو الذي يبارك وحده، والبركة كلها منه، وكل ما نسب إليه مبارك، فكلامه مبارك، ورسوله مبارك، وعبده المؤمن النافع لخلقه مبارك، وبيته الحرام مبارك .. إلخ”[الجواب الكافي (٨٥)] !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فإن الآية الكريمة التي هي موضع التأمل في هذا المقال: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}؛ قد خلا منها ذكر البركة، فمع نسيان ما ذُكِّروا به من أحكام رب العالمين؛ تسير كل الفتوحات التي يفتح الله بها على أهل الضلال إلى طريق الانحدار والشقاء؛ لعدم التفريق بين الحق والباطل؛ والخطأ والصواب؛ والضار والنافع !!

وفيما يلي ذكر لثلاث فتوحات باطلة خاسرة؛ ممّا ظن أرباب الحضارة المادية أنها فتوحات خدموا بها البشرية؛ وهي في الحقيقة دمار وخسار عليهم؛ وعلى كل من حذا حذوهم:

أولها: “THE CONSENT OF THE GOVERNED”: وترجمتها الحرفية: “موافقة المحكومين”، ويعنون به موافقة الشعب على التشريعات -أي حُكم الشعب لنفسه- ويترجمونه في الحياة العملية بالديموقراطية !!

فبعد نبذهم لشريعة الخالق العظيم؛ أخذوا يبشرون العالم بالديموقراطية -التي يرون أنها من أكبر فتوحاتهم- حيث يشرِّعون لأنفسهم بالتصويت؛ قوانين من وضع البشر؛ ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦] !!

وقد أرانا الله تعالى في الدنيا خزي هذا الفتح غير المبارك -الديموقراطية، وحُكم الشعب للشعب- انحدارا أخلاقيا غير مسبوق؛ وخزيا أكبر في الآخرة، قال تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} [الزمر: ٢٦] !!

الثاني: “FREEDOM OF WORSHIP”: وترجمتها الحرفية: “حرية العبادة”، ويعنون بذلك حرية الممارسات التعبدية التي حددوا لها حدودا لا تخرج عنها .. ولذا نبتت لديهم نابتة -على إثر ذلك- فتحت أبواب الشر على مصراعيه في العالم؛ وهو فصل الدين عن الدولة !!

وكما بشروا بالديموقراطية من قبل؛ راحوا يبشرون بفصل الدين عن الدولة؛ وأن الدين لا يعدو كونه طقوسا تُمارس بحرية؛ لا دخل لها في اقتصاد وغيره، وقد سبقهم في هذا الزعم قوم شعيب عليه السلام؛ الذين حكى القرآن لنا قولهم: {يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: ٨٧]، وهكذا الجاهلون بالله تعالى في كل عصر؛ لا يريدون ترك الشرك؛ ولا التدخل في الاقتصاد !!

ولم يقف خزي شعار حرية العبادة عند نبذ الهدي الرباني الحكيم -حين فصلوا الدين عن الدولة- بل ساقهم ذلك إلى ابتداع أكداس من الآلهة؛ وما يتبعها من طقوس تعبدية؛ حتى عبدوا الشيطان نفسه؛ في معابد تنسب له .. ويوم القيامة يتبرأ كل معبود من عُبّاده، قال تعالى: {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس: ٢٨] !!

الثالث: “THE STATUS OF WOMEN”: وترجمتها الحرفية: *وضع المرأة”، ويعنون بذلك: أنهم حرروا المرأة من وضعها البئيس -الذي كانت ترزح فيه النساء في بلادهم لقرون كثيرة، حتى أن المرأة كانت لا تتملك شيئا -، وعدوا ذلك فتحا، وما دروا أنهم أطلقوا ماردا من قمقمه -المرأة المتبرجة المتحررة من آداب الحشمة والعفاف- لتشعل في مجتمعاتهم الفساد والإباحية؛ الذي كان سببا رئيسا وراء معظم الجرائم؛ بأعدادها الفلكية؛ التي لن تنحسر حتى يستسلموا لله العظيم؛ وينقادوا لمنهجه القويم !!

وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم خشي على أهل الإسلام من فتنة النساء؛ فكيف بغيرهم من أهل الملل والنحل المنحرفة ؟؟!! قال صلى الله عليه وسلم: (ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ)[متفق عليه] !!

 فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!