الحلقة الثالثة عشرة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: ١٨٩] !!
من تفضيل الله تعالى لذرية آدم عليه السلام أن اختار لمجيئهم إلى هذه الدنيا طريقين آمنين وحيدين لا ثالث لهما -إلا بالتعدي على حرمات الله تعالى- وهما: طريق الزواج الصحيح؛ وطريق ملك اليمين، ليستيقن المسلم من سلامة ما ينسب إليه من الذرية، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ • إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ • فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون : ٥-٧] !!
بل زاد الإسلام -حفظا للأنساب من الاختلاط والضياع؛ الذي هو مقصد عظيم من مقاصد الشرع الحنيف- زاد الإسلام أن حرّم على المسلم أن ينسب إليه أحدا ليس بولده أو ابنته -كمن يتبنى أحدا من اليتامى أو اللقطاء ثم ينسبه إليه- قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، كما حرّم على المسلم ادِّعاء نفسه إلى غير أبيه، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنِ ادَّعَى إلى غيرِ أَبِيهِ، وَهو يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ، فَالْجَنَّةُ عليه حَرَامٌ) [متفق عليه] !!
أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: حمل المرأة؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:
الأُسرة المسلمة: أدركت أن الحمل بدون زواج صحيح أو ملك اليمين؛ إنما هو حمل البغاء المقيت البغيض؛ الذي حرّمه الله تعالى، قال تعالى؛ {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: ١٢]، قال أهل التفسير: “ولا يُلحقن بأزواجهن أولادًا ليسوا منهم”؛ فنأت بنفسها عن هذا الجُرم العظيم !!
كما أدركت من قوله تعالى: {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: ٥٠]؛ أنه سبحانه قد يُقدِّر على بعض الأُسر العُقم؛ حتى مع محاولة التداوي ببعض الطرق الحديثة؛ التي أجازها العلماء. [موقع الشيخ ابن باز على النت]، فرضيت بقضاء الله تعالى وقدره لها بالعُقم !!
أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فلم يكفها استباحة العلاقات المحرمة؛ التي قد يكون من نتاجها الحمل الحرام -إذا رغبوا في الذرية؛ وابتعدوا عن موانع الحمل- بل ذهب بعضهم بجرائم الحمل الحرام إلى ما لم يكن ليخطر على بال بشر، وسأنزه القارئ الكريم عن ذكر تفاصيل هذا الإجرام، غير إني أقول تقريبا للموضوع :
لقد فاقت الحضارة المادية في الحمل الحرام ما كان عليه كفار قريش في جاهليتهم، قالت عائشة رضي الله عنها عن نكاح الاستبضاع: “ونكاحٌ آخرُ كانَ الرَّجلُ يقولُ لامرأتِهِ إذا طهُرَت من طمثِها أرسلي إلى فلانٍ فاستبضعي منهُ ويعتزلُها زوجُها ولا يمسُّها أبدًا حتَّى يتبيَّنَ حملُها من ذلكَ الرَّجلِ الَّذي تستبضعُ منهُ فإذا تبيَّنَ حملُها أصابَها زوجُها إن أحبَّ وإنَّما يفعلُ ذلكَ رغبةً في نجابةِ الولدِ فكانَ هذا النِّكاحُ يسمَّى نكاحَ الاستبضاع”، فإذا استبشعت -أخي القارئ الكريم- نكاح الاستبضاع؛ وما فيه من الحمل الحرام؛ الذي كان عليه كفار قريش قبل الإسلام؛ فكيف سيكون استبشاعك لما ابتدعته الحضارة المادية من استبضاع من بنوك للمتبرعين؛ يختار منها المنحرفون أوصاف جنينهم المرتقب ؟؟!!
أمّا الإجهاض وقتل الأجنة في بعض الأُسر غير المسلمة؛ فهذا موضوع أفردت له الحلقة رقم (٢٧٥) من حلقات التأمل المفيد، يُرجع إليها في مدونتي، أو على حسابي في التيليجرام؛ لمن يرغب !!
هكذا أضحى الحال في الحضارة المادية المعاصرة؛ حينما لم يُخضِعوا نتائج دراساتهم العلمية لمنهج العليم الحكيم !!
فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!