الحلقة العاشرة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!
قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ} [الأحزاب: ٥٣] !!
وقال صلى الله عليه وسلم: (ألَا لا يَخْلُوَنَّ رجُلٌ بامرأةٍ لا تَحِلُّ له؛ فإنَّ ثالثَهما الشَّيطانُ) [صححه شعيب الأرناؤوط في تخريج مسند أحمد (١٥٦٩٦)]!!
من أغرب التناقضات لدى غير المسلمين؛ أنهم في الوقت الذي يدركون فيه خطر اجتماع أضلاع مثلث الحريق الثلاثة في مكان واحد -الوقود والحرارة والهواء- وأنه لابد من تثقيف الناس بضرورة قطع ذلك الاجتماع؛ حتى لا تندلع الحرائق، في الوقت الذي يدركون فيه ذلك؛ نجدهم لا يدركون خطر اجتماع أضلاع مثلث حرائق الشهوة الجنسية الثلاثة؛ التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (ألَا لا يَخْلُوَنَّ رجُلٌ بامرأةٍ لا تَحِلُّ له؛ فإنَّ ثالثَهما الشَّيطانُ)، وإذا كان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ فإنه لا مفر إذن من منع خلو الرجل بامرأة لا تحل له -لأنه أمر مقدور عليه- حتى لا تندلع جرائم الشهوة العنيفة المخيفة المميتة في أكثر الحالات !!
ومن حكمة التشريع الإسلامي الذي يراعي ضعف الإنسان، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا • يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٧-٢٨]؛ أنه لم يحرّم خلو الرجل بامرأة لا تحل له فقط؛ بل أمر حتى بغض البصر، قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: ٣٠]، وحرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم النظرة الثانية؛ إلى ما حرّم الله تعالى النظر إليه، فقال:(يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ ، فإنَّ لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخرَةُ) [حسنه الألباني في صحيح الجامع (٧٩٥٣)]، كل ذلك سدا لباب الاقتراب من الفاحشة ودواعيها، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢] !!
أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:
الأُسرة المسلمة: أدركت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (علَى رِسلِكما إنَّها صفيَّةُ بنتُ حييٍّ، قالا سبحانَ اللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: إنَّ الشَّيطانَ يجري منَ الإنسانِ مجرَى الدَّمِ فخشيتُ أن يَقذفَ في قلوبِكما شيئًا) [متفق عليه]؛ أنه لا ينبغي فقط الابتعاد عن الخلوة الحرام؛ بل ينبغي الابتعاد حتى عن الظهور أمام الآخرين فيما يشتبه بأنه خلوة حرام !!
ولذا جنت الأُسرة المسلمة من طاعة الله تعالى؛ وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم -بالبعد عن الخلوة الحرام-؛ جنت أمنا تُحسد عليه؛ منذ فترة نزول الوحي المطهر، وإلى يومنا هذا !!
أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فقد جنت بسبب تمردها على منهج خالقها القويم -ومنه تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية- جنت بسبب ذلك خللا أمنيا كبيرا؛ ترجمته الاعتداءات الجنسية المتزايدة؛ وارتفاع قوائم أسماء المعتدين جنسيا (Sex offenders) في كل مدينة؛ وتكثيف إجراءات المراقبة عليهم من قِبل البوليس !!
ولسنا هنا نتحدث عن الخلوة لغرض العلاقات المحرمة برضا الطرفين؛ فهذا هو ديدن الكثير منهم -كما بينت ذلك في الحلقة الماضية؛ في موضوع الزواج- وإنما ما أود بيانه في هذا المقال هو أن المساحة المكانية التقليدية لخلو الرجل بالمرأة -كغرفة أو مكتب- قد اتسعت طولا وعرضا في الأرض -بسبب التبرج والسفور وعدم القرار في البيت- حتى غدت الخلوة الحرام تحصل في أي مكان توجد فيه المرأة المتبرجة وحيدة -كالمشي في الليل وحيدة، أو كأن يكون عملها في الليل لوحدها- ولذلك تُختطف الفتاة المتبرجة حتى من الشارع إذا صادفها ذئب بشري لوحدها !!
وبناء على ما سبق بيانه تنوعت الأمكنة التي تُفضي إلى الخلوة الحرام لدى الحضارة المادية لتشمل:
سُكنى الفتاة لوحدها؛ لتنعم -زعمت- باستقلالها، خاصة بعد سن الثامنة عشرة !!
عمل المرأة كسكرتيرة؛ وماشابه ذلك من الأعمال التي تفضي إلى الخلوة الحرام !!
ركوب الفتاة مع الرجل الأجنبي -لغرض توفير المال، عند حاجتها للذهاب لأماكن بعيدة- بالوقوف على قارعة الطريق، والإشارة بالإبهام؛ في ما يسمى Hitchhiking !!
تبني الفتيات -وليس الرُضع فقط- عن طريق نظام رعاية التبني لديهم (Foster Care)، حيث يمكن بكل سهولة أن تتبني عائلة فتاة -لا تقرب لها بصلة لا من قريب ولا بعيد- فتحصل الخلوة الحرام مع رجل العائلة -أبا أو ابنا- مع الفتاة !!
ومن الملفت أنه وبالرغم من وجود كاميرات المراقبة (CCTV) المنتشرة في كل مكان؛ إلا أنها غير كافية لردع الاعتداءات الجنسية، لأن الرادع الحقيقي هو الحل الإسلامي بتحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية؛ الذي شرعه الله تعالى قبل ألف وأربعمائة عام، والذي يضع حلا جذريا لأساس المشكلة، وهو لا شك من محاسن الإسلام التي يحتاج إليها أصحاب الحضارة المادية المعاصرة؛ لتحل لهم ما أقض مضجعهم من جرائم الاعتداءات الجنسية المتزايدة؛ ولوفرت عليهم الجهود والأموال الطائلة لمقاومة تلك الجرائم البشعة !!
فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!