التأمل المفيد (٢٨٨)

الحلقة الثامنة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: ٥٩] !!

بعد أن وفقني الله تعالى وذكرت في الحلقات الماضية من هذه السلسلة الأمور العِظام التي اقترفتها الأُسر غير المسلمة؛ من الشرك بالله تعالى؛ وتولي الشيطان الرجيم؛ ونبذ دين الفطرة؛ الإسلام؛ أبدأ -بعون الله تعالى- بالحديث عن موضوع ذي أثر كبير جدا على انتظام الحياة الزوجية، وهو حجاب المرأة الذي ارتضاه الله تعالى للنساء على هذه الأرض، وعن نقيضه التبرج والسفور؛ المؤذن بسقوط المجتمعات التي تتبناه، قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركتُ بعدي فتنةً أَضَرَّ على الرجالِ من النساءِ) [متفق عليه]؛ وإذا فُتِن رجال أي مجتمع؛ سقط ذلك المجتمع وانهار !!

والأصل في الناس أن ينقادوا لمنهج الله تعالى في جميع أمورهم، غير أن أمر التبرج والسفور؛ وماله من آثار مدمرة على المجتمعات وأُسرِها؛ قد خصّه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بمزيد من التحذير، قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: ٢٧]، وقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ  الْأُولَىٰ} [الأحزاب: ٣٣] !!
ومن السنة قال صلى الله عليه وسلم لأمامة بنت رقيقة لما جاءت تبايعه: ( .. وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [حسنه الألباني في جلباب المرأة (١٢١)] !!
وقال صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد -رضي الله عنه- لما كسى زوجته ثيابا رقيقة لا تستر البشرة عن رؤية الناظر: (مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا) [حسنه الألباني في جلباب المرأة (١٣١)] !!

أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: الحجاب؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:

الأُسرة المسلمة: انقادت لأوامر ربها في أمر الحجاب، قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ} [النور: ٣١] !!

كما نأت بنفسها أن تتشبه بمن قال فيهن صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي لم أرهما بعد، نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلاتٌ، على رؤوسِهن مثلُ أسنمةِ البختِ، لا يدخلن الجنةَ ولا يجدن ريحَها) [رواه مسلم (٢١٢٨)] !!

وكيف لا تتحجب المرأة المسلمة البالغة؛ وهي تعلم أن الله تعالى قال في حق العجائز من النساء: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: ٦٠] ؟؟!!

وقد أبدع القائل بقوله: “حين فُرِض الحجاب: تحجبت أطهر نساء الأرض، عن أطهر رجال الأرض” !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فقد أمعنت في التبرج والسفور في هذا العصر بما لم تبلغه النساء من قبل !!

والعجيب أن هذا المستوى الهابط من التبرج والسفور الذي بلغته الأُسر غير المسلمة؛ لم يكن له وجود في تاريخ نسائهم القديم، بل تدرجن فيه حتى بلغن الحالة التي هن عليها الآن .. تشهد على ذلك طائفة الأميش (Amish) الموجودة في هذا العصر في بعض قرى ولاية بنسلفانيا وغيرها من الولايات الأمريكية؛ والتي يلبس نساؤها طِرَحا على رؤوسهن؛ تغطي شيئا من شعورهن، وتنانير حتى منتصف الساق .. والطائفة تُذكِّر بلبسها هذا ما كان عليه النساء غير المسلمات قبل قرون !!

هذا وقد أسفر هذا التبرج والسفور في مجتمعات الأُسر غير المسلمة عن إخلال بالأمن كبير، حيث أفرزت عن وقوع جرائم وفظائع كثيرة في المجتمع؛ لها تأثير كبير على كثير من أفراد الأُسر لديهم، من ذلك:

تفشي الفاحشة؛ ممّا يؤذن بنزول عقاب الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: (ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا) صححه الألباني [صحيح الترغيب (2187)]، وقد سمعنا عن الأمراض الجنسية الكثيرة التي تفشت في مجتمعاتهم !!

الاعتداءات الجنسية المتزايدة؛ التي غالبا ما تنتهي بقتل الضحية !!

الاتجار بالبشر؛ وخاصة النساء والأطفال لأغراض جنسية !!

انتشار دور البغاء التي تجيزها وتحميها قوانينهم المتمردة على منهج الله تعالى !!

ظهور أنواع من التبرج والسفور جديدة؛ جذبت إليها الكثير من النساء؛ كمسابقات ملكات الجمال؛ والعمل في صالات عرض الأزياء !!

من تبعات التبرج والسفور اختلاط الرجال بالنساء في كل مكان في مجتمعات الحضارة المادية؛ وما ينتج عن هذ الاختلاط من فساد كبير !!

التفكك الأسري، وهو من أعظم ما يشتكي منه أصحاب الحضارة المادية أنفسهم؛ ويحذرون منه، غير أنه لا حل له إلا بالاستسلام لرب العالمين !!

اختلاط الأنساب، حتى إن بعض قضايا الاختلاف بين الزوجين -غالبا العشيقين- على رعاية الأطفال؛ تحتاج المحاكم هناك لفضها إلى طلب إجراء تحليل (DNA) لمعرفة من هو والد الطفل !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!