التأمل المفيد (٢٨٦)

الحلقة السادسة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!

قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: ٢٦] !!

قال أهل التفسير: “وقال الكافرون بعضهم لبعض متواصين فيما بينهم: لا تسمعوا لهذا القرآن، ولا تطيعوه، ولا تنقادوا لأوامره، وارفعوا أصواتكم بالصياح والصفير والتخليط على محمد إذا قرأ القرآن؛ لعلكم تغلبونه، فيترك القراءة، وننتصر عليه” !!

إنه الإعلام: سلاح ذو حدين:
 إمّا أن يكون أداة ووسيلة لنشر الحق ونصرته، أو أداة لدعم الباطل وتزيينه -كما فعلت قريش- وهو الإعلام المضلِّل؛ الذي هو موضوع هذا المقال !!

ولئن كان إعلام قريش المناوئ للقرآن الكريم؛ مؤثرا وصادا لبعض الناس عن سبيل الله تعالى -رغم بساطة ومحدودية أدواته- فإن إعلام الحضارة المادية المعاصرة المضلِّل؛ قد فاقه خُبثا ودهاء بما لا يُحصى من المرات؛ وعلى كافة الأصعدة -المرئية والمسموعة والمقروءة- ولكافة شرائح المجتمع؛ في العالم كله؛ على مدار الليل والنهار، ليكون بحق: إعلام الإثارة الربحي؛ الذي لا يستهدف سوى أرصدة المغفلين من الناس؛ بعد استهداف دينهم ومعتقداتهم وأخلاقهم !!

وكما كان هدف كفار قريش؛ اللغو في القرآن؛ حتى لا يسمعه الناس؛ كذلك كان أخطر ما قام به إعلام الحضارة الغربية المادية المضلِّل؛ إشغال أهل الكتاب؛ وصرفهم عن التعرف على دينهم الحق – الإسلام- الذي جاءت الآيات الكريمات لتؤكد لهم أنه دينهم -سواء قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعدها- قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: ١٩]، ولن يقبل الله تعالى -بعد البعثة المحمدية على نبيها أفضل الصلاة والسلام- دينا من أحد سوى دين الإسلام، قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: ٨٥] !!

أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع: الإعلام المضلِّل؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:

الأُسرة المسلمة: بالرغم من خطورة الإعلام في هذا العصر؛ الذي يخترق أجهزة التواصل لدى جميع البشر، ولا ينتظر إذنا من أحد؛ فإن الأُسرة المسلمة -التي وعت حديث رسولها صلى الله عليه وسلم: (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ : عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ ، وفيمَ أنفقَهُ ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ ؟)[صححه الألباني في صحيح الجامع (٧٣٠٠)]- قد انتقت من الإعلام ما يوافق شرع ربها تعالى؛ وقِيم دينها الحنيف؛ فحافظت بهذا الانتقاء السليم على دينها ومعتقدها وأخلاقها الإسلامية العظيمة !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فقد أحكم إعلام الإثارة المضلِّل إغلاق حلقات الصد عن سبيل الله تعالى على كثير من تلك الأُسر؛ فلم تتعرف على دين الحق -الإسلام- ولم تنعم بسماع القرآن الكريم، أحكم عليها الإغلاق بطرق أشد مكرا ممّا قامت به قريش -{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}-، حيث أمطرها بوابل من الثقافة الزائفة والأكاذيب الملتوية والمشاهد الهابطة، من ذلك:

تشويه الإسلام والتشكيك فيه، ووصمه بالإرهاب والتخلف، وأنه انتشر بالسيف، وأنه يمتهن المرأة، فصُدت كثير من الأسر غير المسلمة عن الإسلام والدخول فيه !!

التشجيع على الفاحشة والرذيلة من خلال إنتاج سلسلة ممنهجة من الأفلام الهابطة، خاصة ما تنتجه دهاليز هوليود، ومنصة نت فلكس الهدامة، وقد أصاب هذا الفُحش كثيرا من الأسر غير المسلمة، بعد أن صدها وأشغلها عن التعرف على الإسلام !!

أفلام ومشاهِد العنف؛ وانعكاسها على سلوكيات الناشئة لدى بعض الأُسر غير المسلمة؛ كقضية الفتى Daniel Marsh من ولاية كاليفورنيا، والبالغ من العمر ١٦ سنة فقط، والذي كانت أمنيته الجريمة والقتل والتعذيب لقتلاه -وقد كان مدمنا على مشاهدة أفلام العنف وهو في الرابعة عشرة- ثم أقدم على قتل رجل مسن وزوجته -وهما نائمان- بطعن كل واحد منهما أكثر من خمسين طعنة؛ لا لشيء إلا لشغفه بالقتل !!
وقد سمعنا جميعا بحوادث القتل الجماعيه المتكررة في المدارس والأسواق في أمريكا؛ كان بعض الجناة فيها شبابا لم يتجاوزوا العشرين من العمر !!

الأفلام والبرامج الهزلية -المسماة بالكوميديا- والتي تسخر من كل شيء -حتى الإله والدين؛ تعالى الله عمّا يقولون علوا كبيرا- في ظل ما زعموه من حرية؛ لا تعرف قيودا؛ ولا تقر حلالا ولا حراما !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!