الحلقة الرابعة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!
قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: ٧١] !!
من أعظم أسباب ضياع الدين وتفلت الناس من التمسك به؛ التحريف والتلبيس والتلاعب والتبديل في مصطلحاته ومعانيه؛ من قِبَل الكفرة والملحدين !!
وكما بين الله تعالى أن التحريف والتبديل في الدين صنعة اليهود والنصارى -كما في الآية الكريمة التي هي موضع التأمل- كذلك بين تعالى في موضع آخر أنها صنعة كفار قريش أيضا، قال الشيخ ابن باز في معنى قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: ٣٧]: “يعني: من طريقة الكفرة أنهم يحرمون النسيء، والنسيء محرم يجعلونه صفرًا، وصفر يجعلونه محرمًا، تارة وتارة، فتارة يبقون محرمًا محرمًا، وصفرًا حلًا، وتارة يعكسون، فيجعلون محرمًا صفرًا، ويستحلونه ويؤخرون محرمًا إلى صفر يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا وهذا من جهلهم، وضلالهم، وتبديلهم ” [كلام الشيخ ابن باز رحمه الله. [موقع الشيخ على النت]
مع أن الأشهر الحُرُم حددها الله تعالى وحرّمها يوم خلق السماوات والأرض !!
وفي المقابل حفِظ الله تعالى للمسلمين الوحيين؛ الكتاب والسنة، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] !!
كما قيض سبحانه لأمة الإسلام علماء مخلصين؛ يحمون هذا الدين من التبديل والتحريف، قال صلى الله عليه وسلم: (يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الجاهلينَ) [صححه الألباني في المشكاة (٢٤٨)] !!
أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع التحريف والتبديل في الدين؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:
الأُسرة المسلمة: تمسكت بكتاب ربها تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ وفق منهج السلف الصالح -وهو المنهج الضابط لاتِّباع الوحيين المطهرين، بعيدا عن تحريف وتبديل المبتدعة من أصحاب الفِرق الضالة التي تزعم انتماءها إلى الإسلام- فأحيا الله تعالى تلك الأُسر الحياة الطيبة، وستنال -بفضل من الله تعالى- أجرها في الآخرة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: ١٧٠] !!
أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فأقول: سبحان الله العظيم -ما أشبه الليلة بالبارحة- فليس التبديل والتلبيس صنعة كفار قريش، ولا صنعة اليهود والنصارى في عهده صلى الله عليه وسلم فقط، ولكنها صنعة الكفار في كل زمن !!
غير أن التحريف والتبديل في هذا العصر لبقايا القيم -وقلت بقايا القيم وليس الدين؛ ذلك أن دينهم أصلا دين محرف، قد زاد نفور أتباعه منه بسبب ما كانت عليه الكنيسة من تسلط قبل الثورات التي قامت في أوروبا- التحريف والتبديل في هذا العصر لبقايا القيم لدى غير المسلمين أخذ منحى خطيرا جدا، حيث خرج من أروقة الجامعات؛ التي رفعت شعار العلم التجريبي -زعموا- الذي يرفض الغيبيات، خرج بنظريات تقود المجتمعات إلى الكفر والإلحاد: دارون بنظريته الإلحادية، وفرويد بنظريته الجنسية، ودوركايم بنظريته البهيمية، والتي أسماها زوراً نظرية اجتماعية، حتى طال التبديل والتحريف كثيرا من المصطلحات، من ذلك:
اللادين غدا حرية شخصية !!
والفاحشة حبا !!
والخمور مشروبات روحية !!
والشذوذ مثلية !!
ووقفة قصيرة مع آثار التحريف المدمر لجريمة الفاحشة التي أضحت حبا فأقول:
إن من المحزن والمخيف أن تبدأ كثير من الأُسر غير المسلمة حياتها الزوجية بداية تغضب جبار السماوات والأرض؛ وهي البداية بالعلاقات الجنسية المحرمة قبل عقد الزواج -التي أسموها زورا بالحب- وهي بداية كفيلة بتدمير الأسرة في زمن يسير؛ بسبب فُرص الخيانات الزوجية المتزايدة؛ بتبني نمط حياة تشيع وتسهُل فيه الفاحشة .. والأدهى من ذلك والأمر أن تستمر كثير من هذه العلاقات المحرمة بدون زواج؛ يرضاها المجتمع ويحميها القانون؛ ما دامت برضا الطرفين !!
فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!