الحلقة الثالثة من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!
قال الله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: ١٩]، قال أهل التفسير: “غلب عليهم الشيطان، واستولى عليهم، حتى تركوا أوامر الله والعمل بطاعته، أولئك حزب الشيطان وأتباعه. ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون في الدنيا والآخرة” !!
من غير المعقول، بل ومن المضحك والغريب أن يحاول إنسان إطفاء حريق ضخم بأوراق الشجر .. وأغرب من ذلك مواجهة الناس لأعداء مدججين بالسلاح بالنّبْل والعِصِيّ .. لكن الأدهى والأمّر والأكثر غرابة أن ينسى بعض الناس عدوا أشد فتكا من نار حارقة؛ وأعظم تدميرا من جيوش ساحقة، ينسون العدو الأكبر -الشيطان الرجيم- الذي يأتيهم من جميع الجهات، قال تعالى -حاكيا عنه قوله-: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: ١٧] !!
هذا العدو الأزلي الرجيم -الشيطان- لا ينفع لمواجهته ودحضه وصده والتحصن منه؛ سوى ذكر الله تعالى، ولذا عظّم الله تعالى من شأن ذِكره فقال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ} [العنكبوت: ٤٥]، وعظّمه رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:(مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ) [متفق عليه] !!
وهاكم -معشر القراء الكرام- سردا لبعض الكنوز العظيمة التي تحملها الأذكار الشرعية، والتي يعمل الشيطان جادا لحرمان المسلم منها:
إجارة الله تعالى للذاكِر من الشيطان الرجيم، ودخول الجنة إذا مات الذاكِر موقنا بِما يقول، ونيل العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ومغفرة الذنوب، وأداء شكر الله تعالى في اليوم والليلة، وكفاية الله تعالى للذاكِر ما أهمّه، وإعاذة الله تعالى للذاكِر من شر نفسه؛ ومن شر الشيطان وشركه، ولن يفجأ الذاكِر بلاء حتى يصبح، وحتى يمسي، هذه بعض الكنوز العظيمة التي حملتها بعض الأذكار، فكيف بها جميعا ؟؟!!
أخيرا: المقارنة بين الأُسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في موضوع ذِكر الله تعالى؛ الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:
الأُسرة المسلمة: نالت -بفضل الله تعالى- الكنوز العظيمة التي وعدت وبشرت بها الأذكار الشرعية المختلفة، حتى آل حالها إلى ما قاله الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨] !!
وحتى المقصِّر من أفراد الأُسر المسلمة في قراءة الأذكار الشرعية خلال اليوم والليلة؛ فإنه لا يزال ذاكرا لله تعالى في صلاته، قال تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] -ولا ينقطع عن ذِكر الله تعالى البتة كحال غير المسلمين- غير أنه حرم نفسه من كنوز تلك الأذكار التي قصّر فيها !!
أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فإن عدم ذِكرهم لله تعالى البتة -بسبب كفرهم- قد ساق إليهم من شرور إبليس وجنده ما لا يعلم قدْر ضرره عليهم إلا الله تعالى، من أشدها:
أمْر الشيطان الأُسر غير المسلمة بالفحشاء والمنكر؛ حين اتبعوا خطواته، قال تعالى: {وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ} [النور: ٢١]، والمتتبع لأحوال مجتمعات غير المسلمين يرى أنواعا كثيرة من المنكرات تعيشها تلك الأُسر؛ أشهرها التبرج والسفور؛ الذي لا يخص نساءهم فقط، بل حتى الرجال -بكشفهم لعوراتهم التي حرمها الله تعالى على الشواطئ؛ وفي المسابح وغيرها من الأماكن- وصدق الله تعالى الذي نهى بني آدم -ذكورهم وإناثهم- من كشف عوراتهم، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: ٢٧] !!
تفشي الأمراض النفسية في كثير من الأُسر غير المسلمة؛ حين انقادوا لوساوس شياطين الجن والإنس؛ التي أنزل الله تعالى سورة كاملة للتعوذ منها، قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ • مَلِكِ النَّاسِ • إِلَٰهِ النَّاسِ • مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ • الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ • مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: ١-٦]، ولذا تَخَبَّطتهم الشياطين، قال تعالى: {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥]، وهذا ما تؤكده التقارير، فقد نشرت شبكة (سي إن بي س) الأمريكية تقريرا؛ بأن شخصاً واحداً من كل خمس أمريكيين يعاني من مشكلات تتعلق بالصحة النفسية !!
فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!
امين