التأمل المفيد (٢٨٢)

الحلقة الثانية من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!

قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]، قال أهل التفسير: “الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الطمأنينة والسلامة، وهم الموفقون إلى طريق الحق” !!

لا يمكن أن يحقق المال الكثير بمفرده الأمن والطمأنينة للأسرة، إنما يحقق ذلك؛ الإيمان بالله تعالى واتّباع شرعه القويم؛ حتى يُحفظ لها دينها ونفسها وعقلها ومالها وعِرضها، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}، قال الشيخ صالح الفوزان: “فإن الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس، التي هي الدين والنفس والعقل والعِرض والمال، ليعيش المسلم في هذه الدنيا آمنا مطمئنا يعمل لدنياه وآخرته، ويعيش المجتمع المسلم أمة واحدة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ولا يمكن ذلك إلا بحفظ هذه الضرورات الخمس من الخلل والعبث”[موقع الشيخ صالح الفوزان على النت] !!

وحتى لا يبقى مفهوم الأمن وضروراته حبيس كتب العلماء؛ لا يعرفه إلا الدارسون؛ أظهر الله تعالى وأبرز أهمية الأمن للناس أجمعين -مسلمهم وكافرهم؛ أينما كانوا- بأن جعل البلد الحرام المثل الأعلى في الأمن على هذه الأرض، قال تعالى: {وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: ٣]، بل وحَفِظ سبحانه فيه ضرورات الأمن بطريقة عجزت البشرية أن تأتي بأنموذج للأمن كما أراد الله تعالى للبلد الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي , وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ؛ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ , وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ , وَلا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا ، وَلا يُخْتَلَى خَلاهُ) [متفق عليه]!!

أخيرا: المقارنة بين الأسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في جانب حفظ الضرورات الخمس التي هي موضوع التأمل في هذا المقال:

الأسرة المسلمة -أينما كانت- تدرك أن إيمانها بربها العظيم؛ واتّباع شرعه القويم يحقق لها أمنها وطمأنينتها، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}، وكلما ازدادت الأسرة طاعة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ازداد أمنها وازدادت طمأنينتها؛ وحُفِظت لها ضروراتها الخمس !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فيُفهم من الآية الكريمة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}؛ أن المشركين لا ينعمون بالأمن والطمأنينة اللذين خص الله تعالى بهما المؤمنين؛ ولا يحافظون على الضرورات الخمس، لأن هذه الأُسر:

أضاعت الدين بعبادة غير الله تعالى؛ وتمردهم على شريعته، وضَياع الدين؛ ضَياع لمصالح الدنيا والآخرة !!

والأنفس أزهقها بعض أفراد الأُسر؛ كجرائم القتل الشنيعة والكثيرة في مجتمعات الحضارة المادية، حتى الأطفال في المدارس لم يسلموا من موجات القتل الجماعي المتكررة، ومن أصدق ما سمعته من تعليق في إعلامهم عن بعض المجرمين: أنه من أسرة محطّمة (broken family) !!

 والعقل أفسدوه باستحلال الخمور، فتعاطاها كثير من أفراد الأُسر غير المسلمة، كما أقبل الكثير منهم على قراءة كتب الإلحاد والضلال المتوفرة لديهم !!

والمال مُحِق -لدى الأُسر غير المسلمة- بالتعامل بالربا، وبانتشار الميسر والقمار، وغيرها من التعاملات المالية المحرمة !!

وأمّا ضَياع العِرض والفضيلة فقد طال الأُسر التي ارتضت تسمية فاحشة الزنا حبا؛ والشذوذ فطرة؛ والتبرج والاختلاط نمط حياة، قائدهم في ذلك الشيطان الرجيم، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: ٢٧]، وقال تعالى -حاكيا قول لوط عليه السلام لقومه-: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٦٥] !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!