التأمل المفيد (٢٨١)

الحلقة الأولى من سلسلة “واقع الأسرة بين حضارة الإسلام الربانية العظيمة وحضارة الغرب المادية .. مقارنة من الواقع” !!

قال الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} [الدخان: ٩]، قال أهل التفسير: “بل هؤلاء المشركون في شك من الحق، فهم يلهون ويلعبون، ولا يصدقون به” !!

الأُسرة هي النواة الأعظم والأهم في حياة المجتمعات .. إذ هي النظام الذي بدأ الله تعالى به الحياة البشرية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] !!

وقد أحاط كتاب الله تعالى الأُسرة المسلمة بتشريعات ربانية عظيمة -سأبينها بعون من الله تعالى تِباعا في حلقات هذه السلسلة- حققت لها معنى الاستخلاف الحقيقي في هذه الدنيا، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ} [البقرة: ٣٠]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} [الأنعام: ١٦٥]، بعد أن بين سبحانه للإنسان -الذي هو المكون الأساس للأسرة، بجانب باقي المكونات من دار تؤيهم، ومطعم ومشرب وغيرها من اللوازم- بعد أن بين له طريق الهدى والضلال والخير والشر؛ ليكون إمّا مؤمنًا شاكرًا، وإمّا كفورًا جاحدًا؛ كما قال المفسرون في معنى قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الانسان: ٣] !!

غير أني أفتتح هذه السلسلة من المقالات بأعظم ما تحتاج الأسرة المسلمة تأمله من كتاب ربها تعالى حتى تنعم بحياة أسرية طيبة؛ وهو الفرق بين حياتين: حياة المؤمنين الجادة الهادفة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ • الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون • وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: ١-٣]، وحياة المشركين اللاهية الغافلة، قال تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} !!

هذا وإن من أعظم الدوافع وراء كتابة هذه السلسلة؛ هو إحاطة المسلم بنعمة الأُسرة المسلمة التي أكرمه الله تعالى بالعيش تحت كنفها؛ من خلال بيان محاسنها، حتى يتشبث بقيمها .. وكذلك من خلال بيان حال من فقدها من الأُسر غير المسلمة، حتى يتجنبها !!

أخيرا: المقارنة بين الأسرتين -المسلمة وغير المسلمة- في جانب اللهو واللعب الذي هو موضوع التأمل في هذا المقال:

الأسرة المسلمة تدرك أن اللعب يدخل في باب العادات؛ التي أصلها الإباحة في دين الإسلام، إلا ما حرّم الله تعالى منها، ولذلك لا غبار على مزاولة الأسرة ألوان اللعب المباح، فهي أُسرة موحِّدة؛ تعبد الله تعالى ولا تشرك به شيئا، قال الله تعالى مثنيا على رجالها: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ ،وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، وقال تعالى مثنيا على نسائها: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: ٣٤] !!

أمّا الأُسر غير المسلمة -من أتباع الملل والنحل المنحرفة- فإن من أعظم ما أصابها من شر؛ هو استبدالهم توحيد الله تعالى وعبادته العبادة الحقة واتِّباع نهجه القويم؛ بعبادة غيره -كعبادة النصارى لعيسى عليه السلام؛ والبوذيين لبوذا- فانغمسوا بسبب شركهم في اللهو واللعب؛ الحلال منه والحرام، قال تعالى في الآية التي هي موضع التأمل: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}، وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ • مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: ١-٢] !!

ومن المآسي التي تعيشها الأُسر غير المسلمة في باب اللهو واللعب الحرام: ارتياد بعض أفرادها البارات والملاهي الليلية؛ وما يتبع ذلك من مآسِِ وفواحش وجرائم وموبقات؛ سمع بها القاصي والداني !!

فالحمدلله أن جعلنا من أُسر مسلمة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!