الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [الزخرف: ٦٥] !!
نحن في عصر تتهاوى فيه وتتساقط قيم وأخلاق حضارات مادية كثيرة -منها مسيحية التدين؛ في شرق العالم وغربه-، فحري بنا أن نعرف -من كتاب ربنا تعالى- كيف ومتى وقع لهذه الحضارة المادية المسيحية الزيغ عن الصراط المستقيم ؟!
وإليك أيها القارئ الكريم بيان ذلك:
في اجتماع: “نيقية؛ مدينة إغريقية قديمة” عام ٣٢٥ من ميلاد المسيح عيسى عليه السلام -الذي ضم أحزابا مسيحية مختلفة الاعتقاد في الله تعالى؛ وفي رسوله عيسى عليه السلام- في ذلك الاجتماع وقعت الطامة الكبرى التي انحرف بعدها اعتقاد النصارى إلى الأبد، قال تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ}، قال أهل التفسير: “فاختلفت الفِرق في أمر عيسى عليه السلام، وصاروا فيه شيعًا: منهم مَن يُقِرُّ بأنه عبد الله ورسوله، وهو الحق، ومنهم مَن يزعم أنه ابن الله، ومنهم مَن يقول: إنه الله، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا، فهلاك ودمار وعذاب أليم يوم القيامة لمن وصفوا عيسى بغير ما وصفه الله به” !!
ومع أنه كان من بين الأحزاب المجتمعة في ذلك التاريخ من يوحد الله تعالى؛ ويقر برسالة عيسى عليه السلام؛ إلا أن الأحزاب المسيحية المختلفة خرجوا من ذلك الاجتماع -بتأييد من الملك قسطنطين- خرجوا بقانون إيمان -كما يسمونه- يتبنى الشرك والكفر وتأليه عيسى عليه السلام -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- وبات من يعتقد الاعتقاد الصحيح في الله تعالى؛ وفي عيسى عليه السلام من تلك الأحزاب المجتمعة؛ بات منبوذا ومضطهدا من قبل النصارى المثلثة المشركين، وقد دل النص الشرعي على وجود موحدين من أهل الكتاب قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (وإِنَّ اللهَ نظر إلى أهْلِ الْأَرْضِ، فمقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وعَجَمَهُمْ، إِلَّا بقَايَا من أهْلِ الْكِتَابِ) [رواه مسلم (٢٨٦٥)]، !!
وسيبقى النصارى على ذلك الاعتقاد الفاسد؛ الذي تبنوه في ذلك الاجتماع المشين -إلّا من قدّر الله تعالى له الهداية إلى الإسلام- إلى أن ينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان؛ فيكسر الصليب، قال صلى الله عليه وسلم: (والَّذي نفسي بيدِه ليوشِكنَّ أن ينزلَ فيكم ابنُ مريمَ حَكمًا مقسطًا فيَكسرُ الصَّليبَ ويقتلُ الخنزيرَ ويضعُ الجزيةَ ويفيضُ المالُ حتَّى لا يقبلَه أحدٌ)[متفق عليه] !!
أخيرا: تبين لنا أن تهاوي وتساقط الحضارة المادية المسيحية؛ إنما كان أساسه وسببه الأكبر انحراف عقدي؛ حين نبذ أهل الكتاب التوحيد الخالص الذي أمرهم الله تعالى به، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥]، وتبنوا الشرك والكفر عام ٣٢٥ من الميلاد، قال تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم: ٣٧] !!
وعلى عكس النصارى؛ تمسكت الأمة المسلمة بالتوحيد الخالص؛ المبني على المعرفة بالله تعالى المعرفة الحقة؛ ثم عبادته وحده سبحانه لا شريك له، كما تمسكت باتّباع منهج الله تعالى، ممّا مكن لها في الأرض، وسعُدت البشرية بالحضارة الإسلامية أيما سعادة؛ طوال تاريخها الطويل !!
ونسأل الله تعالى أن نكون -نحن أهل الإسلام- في هذا العصر ممّن قال الله تعالى فيهم في سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}، قال أهل التفسير: “وأرسل سبحانه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى قوم آخرين لم يجيئوا بعدُ، وسيجيئون من العرب ومن غيرهم” نسأل الله تعالى أن نكون من الآخرين؛ الذين استقاموا على دين الله تعالى بالقول والعمل حتى نلقاه !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!