الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣١] !!
تعصف بالولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام عاصفة انقسام مجتمعية حادة، تعود جذورها إلى العام ١٩٧٣ من الميلاد، حينما أصدرت المحكمة العليا في واشنطن قانون (Roe v. Wade )؛ الذي يقضي بالسماح بعملية إجهاض الأجنة البشرية؛ في أي أسبوع من عمر الجنين؛ وأن المرأة -زعموا- حرة في التصرف في جسدها، حتى غدت الإحصائيات المعلنة تصرح أن من بين كل أربعة من النساء في أمريكا؛ أجرت امرأة واحدة عملية إجهاض !!
والمتابع للإعلام الأمريكي هذه الأيام يتبين له أن سبب انبعاث هذا الخلاف على موضوع الإجهاض؛ هو تسريب لمسودة قانون من المحكمة العليا -التي يفوق فيها عدد القضاة الجمهوريين المناهضين للإجهاض عدد نظرائهم القضاة الديمقراطيين- تسرب قبل نحو أسبوعين يقضي بإلغاء قانون ١٩٧٣ (Roe v. Wade )؛ الذي سمح بالإجهاض -ولا يشك مسلم أن نقضه أقرب للفطرة- فخرج المتظاهرون المناصرون للإجهاض في الولايات الأمريكية -وجلهم من النساء- يطالبون بعدم إلغاء حق المرأة في الإجهاض، ولا يزالون في مظاهراتهم إلى يومنا هذا !!
وأكبر ما يحتج به أنصار الإجهاض (pro choice) على خصومهم -الذين يطلقون على أنفسهم شعار: أنصار الحياة(pro life)- أكبر حججهم الخبيثة هو أن الإجهاض: تحتاجه المرأة لمواجهة الحمل غير المخطط له .. وجملة: “الحمل غير المخطط له”؛ ما هو إلا اعتراف -على استحياء- بشيوع فاحشة الزنا، وارتفاع عمليات الاغتصاب؛ حتى من قبل المحارم؛ في تلك المجتمعات التي انفلتت فيها المرأة لتعاشر من تشاء من الرجال، في حماية كاملة من القانون الجاهلي الذي وضعوه لأنفسهم، بل طغت فاحشة الزنا لديهم حتى أخذ فتيات المدارس؛ تحت سن الثامنة عشرة يمارسنها، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢]، وفيما يعرف ببيعة النساء قال تعالى: {وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}[الممتحنة : ١٢] !!
وقد يكون من ضمن ما يحتج به المناصرون للإجهاض؛ الظروف الاقتصادية الصعبة؛ وعدم القدرة على النفقة على الجنين بعد ولادته !! ولو أنهم استسلموا لله رب العالمين؛ وآمنوا بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣١]، لما وقع الاختلاف على أمر قد حرّمه الله تعالى؛ وهو الإجهاض !!
والمسلم لا يرى أن الانقسام الحاد -الذي تمر به الولايات المتحدة الأمريكية- وليد الساعة، أو وليد اختلاف وجهات النظر في بعض الأمور الاجتماعية الكبيرة؛ كالإجهاض !! المسلم يرى أن الغرب حضارة تتسارع في الانهيار الأخلاقي والقيمي: لجهلهم بالمعرفة الحقة بالله تعالى؛ ومن ثم عدم عبادته وحده سبحانه لا شريك له، وعدم تمسكهم باتّباع منهجه تعالى الذي ارتضاه للبشر، قال تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة: ١٣٧]، قوله تعالى: {فِي شِقَاق}، أي في خلاف شديد؛ كما قال أهل التفسير !!
وبغض النظر عن تحركات المحكمة العليا نحو نقض قرار السماح بالاجهاض -المؤقت التصويت عليه في المحكمة العليا الشهر القادم- أو التراجع عن ذلك؛ فإن العجيب أن غالبية الرأي العام الأمريكي -أكثر من ٦٠٪- صوتوا في استطلاع للرأي قبل أيام لصالح إبقاء قانون السماح بالإجهاض، وما ذلك إلا لانغماسهم في شهوة المحرمات الجنسية -خاصة فاحشة الزنا؛ والتخلص من الحمل الناتج عنه بالإجهاض- قرابة الخمسين عاما الماضية منذ صدور قانون (Roe v. Wade ) عام ١٩٧٣ م !!
أخيرا: إن ممّا يفخر به المسلم أن الشارع الحكيم سبحانه أحاط المجتمع المسلم عموما -والأسرة على وجه الخصوص- بنظام رباني محكم؛ يحض على الفضيلة ويحارب الرذيلة بكافة أنواعها، ويحث على الزواج وتكوين الأسر الصالحة المطمئنة، قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: ٣٢] !!
فلله الحمد على نعمة الإسلام !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!