التأمل المفيد (٢٧٠)

 الحلقة الخامسة من سلسلة “الدوافع الربانية في المنافسة على حفظ كلام خالق البرية، قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر : ٨٧] !!

لعل من بين أعظم الدوافع التي جعلها الله تعالى في كتابه الكريم -والتي من شأنها أن تدفع المسلم دفعا كبيرا لفهم وحفظ كلام ربه تعالى- هو حديث القرآن الكريم المتكرر عن كون اتِّباع منهج الله تعالى يجلب لسالكه سعادة الدارين: الدنيا والآخرة، قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ • الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ • لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: ٦٢-٦٤]، وقال تعالى: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٤٨٠]، وغيرهما من الآيات كثير في كتاب الله تعالى؛ التي تمس هذا الجانب !!

وكذلك حديث القرآن الكريم المتكرر عن كون تنكب منهج الله تعالى فيه خسارة الدارين: الدنيا والآخرة، قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: ٥٦]، وقال تعالى: {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٢٦]، وغيرهما من الآيات كثير في كتاب الله تعالى؛ التي تمس هذا الجانب !!

إن إدراك المسلم أن جزاء استقامته على منهج الله تعالى لن يكون الجنة فقط -وإن كانت الجنة هي الفوز الكبير- بل جزاء استقامته أيضا؛ فلاح وسعادة في هذه الدنيا .. إن إدراك المسلم ذلك يجعله يفرح فرحًا عظيمًا؛ ويشكر ربه عز وجل على ذلك !!

وأعظم دليل عملي على تحقيق الله تعالى لموعوده بسعادة الدارين لأوليائه -وهو القائل عن نفسه سبحانه: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢]- أعظم دليل على ذلك هو أن أمة الإسلام؛ يشهد لها تاريخها المُشرِق الطويل؛ بأن تمسكها بمنهج الله تعالى القويم قد جلب لها السعادة والنجاح والفلاح الحقيقي في هذه الدنيا، ثم جزاؤهم في الآخرة -بإذن ربهم- جنات النعيم،  فالله تعالى قد وعد بذلك؛ ووعده الحق، قال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١]!!

كما لا يشك عاقل أن الخزي والانحطاط والدمار الأخلاقي قد لحق الحضارات المادية في هذه الدنيا -خاصة في عصرنا- ثم مأواهم -إن لم يتوبوا- جهنم وبئس القرار، قال تعالى: {لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} [الرعد: ٣٤] !!

أخيرا: إن الدرس العظيم المستفاد ممّا سبق بيانه: هو أن الطريق والسبيل إلى نيل سعادة الدارين -التي أخبر القرآن الكريم عنها- قد بينه الله تعالى من خلال المئات من الآيات الكريمات !!

وكذلك بين لنا الكتاب العزيز -في مئات من الآيات الكريمات- سُبُل الضالين الغافلين؛ ببيان أنواع الشبهات والشهوات؛ وما ينتج عنها من المعاصي والموبقات !!

أخي المسلم .. أختي المسلمة: لنكن حريصين -في هذه الدنيا القصيرة- على إعطاء كتاب الله تعالى الأولوية في أوقاتنا -فهما وحِفظا- حتى ينير لنا الوحي المطهّر جميع ما يرضي الله تعالى من الأقوال والأعمال، وحتى نتجنب جميع ما يسخطه تعالى ويغضبه؛ لننعم بسعادة الدارين، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٧]، وقال تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا خَيْرًا ۗ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۚ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ۚ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: ٣٠] !!

اللهم بلغنا ليلة القدر .. وارزقنا قيامها على الوجه الذي يرضيك عنا .. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا  .. اللهم أعتق رقابنا من النار !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!