الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة : ٦] !!
في الوضوء آية إعجازية !!
فإن مِمّا يفيد المسلم كثيرا في حديثه لغير المسلمين عن الإسلام, أو عند حديثه لمسلم منبهر بالتقدم المادي الكبير عند الغرب -نتيجة لوساوس الشيطان وشبهاته عليه- أن يبين لهم طرفاً من الموضوع الكبير, الذي أطال القرآن الكريم الحديث عنه، وبأساليب مختلفة, ألا هو كون الإسلام دين الفطرة, يواكبها ويتلاءم معها .. قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم : ٣٠] !!
من ذلك أمر تبين لي من خلال هذه القصة التي عايشتها في أمريكا, قبل نحو أربعين سنة !!
أسلم زميلي في الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية, ذي الأصول الألمانية .. فرح جدا بإسلامه .. علمته أساسيات الدين، خاصة الصلاة .. ثم مشى كل منا في طريقه !!
رأيته ذات يوم، بعد أسابيع من نطقه الشهادة، فرحا مسرورا، كفرحته يوم إسلامه !!.. فسألته عن سبب فرحته الظاهرة المستجدة الملفتة .. رفع قدمه .. ثم قال : كنت أعاني من التهابات بين أصابع قدمي هذه لسنين, وبعد أسابيع من الوضوء تعافيت منها، ولله الحمد .. سبحان الله !!
تأملت بعد مدة من الزمن -بسبب هذه القصة- آية الوضوء، فوجدت عجبا !! .. لقد ضمّن الله تعالى في آخر الآية الكريمة كلمة، بين فيها أن الوضوء طُهر لنا .. قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة : ٦] !!
بينت الآية الكريمة أنه ليس المراد من تشريع الوضوء التضييق عليكم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَج}، ولكن يريد: {لِيُطَهِّرَكُمْ} .. فكأنما الوضوء طهّر هذا المسلم الأمريكي من مرضه .. سبحانك ربي ما أرحمك بِنَا، وأنت تعلم ضعفنا !!.. فمنهجك العظيم: هداية لنا إلى كل خير، وحماية لنا من كل شر !!
وما أكثر أنواع الطهر التي جعلها الله في الوضوء وغيره من العبادات والتعاملات .. طهر حسي وآخر معنوي !! الحمد لله الذي فطرنا على ملة الإسلام !!
وأخيرا: فلأهمية هذا الموضوع -الإسلام دين الفطرة- على تعميق وترسيخ هوية المسلم الدينية، واعتزازه بها، وحمايته من شبهات هذا العصر -التي قد تفد على المسلم بطرق شتى، مباشرة: حينما يعيش لسبب أو لآخر في المجتمعات غير الإسلامية، وغير مباشرة: عن طريق وسائل الإعلام عامة، والإعلام الجديد خاصة- فإني، وبعد استعانتي بالله تعالى، عازم على ترديد طرح هذا الموضوع كثيرا، فأرجو لمن لدية قصة مؤثرة، تحتوي دلالة مباشرة على مواكبة تعاليم ديننا القويم لفطرة الإنسان، أن يوافيني بها، لعل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين !!
اللهم أعزنا بالإسلام .. وأعز الإسلام بِنَا !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!
.