التأمل المفيد (٢٤٤)

الحلقة الثانية عشرة بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود : ٨٧]، قال أهل التفسير: “قالوا: يا شعيب أهذه الصلاة التي تداوم عليها تأمرك بأن نترك ما يعبده آباؤنا من الأصنام والأوثان، أو أن نمتنع عن التصرف في كسب أموالنا بما نستطيع من احتيال ومكر؟ وقالوا -استهزاءً به-: إنك لأنت الحليم الرشيد” !!

هذا ما يقوله أعداء الله تعالى وأعداء دينه في كل زمان؛ ما دخل الدين في هذا الأمر أو ذلك الشأن ؟!
وإذا كان قوم شعيب يستنكرون أن يتدخل الدين في منع نصبهم واحتيالهم في أكل أموال الناس بتطفيف المكيال والميزان؛ فإن الأمثلة على ذلك كثيرة في هذا الزمان .. إذ ممّا يستنكر أعداء الله تعالى من غير المسلمين:

قوامة الرجل على المرأة في دين الإسلام -والقوامة واجب ومسؤولية فرضها الله على الرجل لإنجاح مؤسسة الأسرة؛ التي لا تقوم المجتمعات إلا بنجاحها- يستنكرون القوامة مع أنهم كانوا يعُدُون المرأة قبل أقل من قرنين من سقط المتاع !!

 والحقيقة أن استنكارهم لقوامة الرجل على المرأة وغيره من الأمور؛ ما هو إلا نتيجة لاستنكارهم لتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

أمّا توحيد الربوبية فقد نبذوه واستبدلوا عِوضا عنه الإلحاد !! وجعلوا علمهم المادي ربا لهم من دون الله تعالى !! وصنما يعبدونه؛ كما كان قوم شعيب يعبدون الأصنام .. فما يقرره علمهم هو الحق وما سواه باطل !!

وأمّا توحيد الألوهية فقد استنكروا أن تحكمهم شريعة من خلقهم سبحانه ؛ وهو أعلم بما يصلح أحوالهم !! -ناسين تاريخ ألف وأربعمائة عام من تاريخ الأمة المسلمة؛ المشرق الذي أسعدهم شرقا وغربا، حتى كانوا يفِدون إلى الحواضر الإسلامية لتلقي شتى أنواع العلوم- يستنكرون أن تحكمهم شريعة ربهم؛ واستبدلوها بقوانين من عند أنفسهم؛ ما زادتهم إلا خَبَالا !! حتى بلغ الخبال في محاكمهم -التي يتباهى بعض المنبهرين بها- ألا يستوي اثنان في تعويض مالي على إثر حادث مروري متشابه ألمّ بكل منهما على حده !! لأن أحدهما وضيع يعمل زبالا والآخر ممثلا مشهورا دخله بالملايين !! قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة : ٥٠] !!

إنه لا مخرج من أزمات العالم المستعصية إلا بالاستسلام لخالقهم وعدم الاستكبار عليه أو الاستنكاف عنه، قال تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء : ١٧٢] !!

وأخيرا .. فلتصبر أمة الإسلام -أفرادا ومجتمعات- على التمسك بأهداب الدين الحنيف، ولا يستخفنهم الذين لا يوقنون من غير المسلمين، قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم : ٦٠] !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!