الحلقة الحادية عشرة بعد المائة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} [الزخرف : ٨٤]، قال أهل التفسير: “وهو الله وحده المعبود بحق في السماء وفي الأرض، وهو الحكيم الذي أحكم خَلْقَه، وأتقن شرعه، العليم بكل شيء من أحوال خلقه، لا يخفى عليه شيء منها” !!
نقف مع هذه الآية الكريمة متأملين ومتدبرين:
هذه الآية الكريمة {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ}، تخاطب الناس عموما، وتخاطب على وجه الخصوص؛ من ظن أن الإله في السماء فقط، وأمّا الأرض فإلهها الإنسان؛ بما يسنه فيها من تشريعات؛ بعيدة عن هدي الله تعالى، بحجة أن الإنسان هو من عمّر هذه الأرض !! خاصة في هذا العصر الذي اتسم بالمادية الموغلة في شتى دروب الحياة !! حتى شاعت لدى غير المسلمين -بسبب هذه المادية المتوحشة- شاعت قيم منحرفة، منها: أن البقاء للأقوى !! فكانت النتيجة أن زادت أعداد الفقراء المشردين؛ الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، في دول تعد نفسها من الدول الغنية المتقدمة، لأن البقاء عندهم -كما يزعمون- للأقوى !!
وفي المقابل عدّ الإسلام -الذي هو دين الفطرة- عدّ الفقراء والمساكين من أهل الزكاة !! فالحمد لله على نعمة الإسلام !!
كم يتمنى المسلم أن تصل هذه الآية الكريمة: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ}، إلى مسامع غير المسلمين؛ ليعرفوا حقيقة الدين الإسلامي، وأن عبادة المسلم لله تعالى والتزامه بشريعته؛ إنما هو اعتراف منه بأن الله تعالى هو وحده إله الأرض والسماء !!
وإذا كانت الأرض نفسها تسبح الله تعالى، وكذلك السماوات، قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء : ٤٤]، فإنه لا يليق بالإنسان -الذي فضله الله تعالى على كثير ممن خلق تفضيلا- لا يليق به وهو يسكن هذه الأرض المسبحة لله؛ إلا أن يستسلم لإله الأرض والسماء، ويسبحه كثيرا ويذكره كثيرا !!
الحياة على هذه الأرض تحتاج إلى حكيم عليم ليصلحها، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}، أمّا الإنسان فيكفيه حكمة وعلما أن يقر لخالقه -إله الأرض والسماء- بالربوبية والعبودية؛ فيستسلم له ظاهرا وباطنا!!
وأخيرا: فقد بين الله تعالى أنه لو اتبع سبحانه أهواء الذين يتمردون عليه من البشر على هذه الأرض؛ لطال الفساد حتى السماوات، وليس الأرض فقط التي سيطالها الفساد، قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ} [المؤمنون : ٧١]، قال أهل التفسير: “ولو شرع الله لهم ما يوافق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومَن فيهن، بل أتيناهم بما فيه عزهم وشرفهم، وهو القرآن، فهم عنه معرضون.” !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!