الحلقة الثامنة والتسعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ} [الملك : ٣٠] !!
شاهدت تقريرا بثته قناة (CBS) الأمريكية عن حالة الجفاف التي تمر بها ولاية كاليفورنيا منذ اثنين وعشرين عاما، وإعلانها قبل أسبوعين -بعد أن بلغ الأمر مداه- حالة الطوارئ للجفاف على مستوى الولاية، فكتبت -بتوفيق الله تعالى- هاتين الوقفتين:
الوقفة الأولى: كان ممّا جاء في التقرير: تسببت حالة الجفاف في انخفاض منسوب المياه في نهر كولورادو -الذي يمر بسبع ولايات- حيث انخفض بمقدار ٧٠٪ عن مستواه الأصلي، لدرجة أن مقاطعة بينال في أريزونا لوحدها سيكون مقدار نقص المياه فيها ٩٨ مليار جالون في العام !!
كما تمد الطاقة الناتجة من هذا النهر -عن طريق مروره بسدين مهمين- أنشطة اقتصادية سنوية بتكلفة (١،٤) تريليون دولار !!
ناهيك عن الخسائر الزراعية؛ حيث إن ٧٠٪ من مياه نهر كولورادو تصرف على الحقول الزراعية؛ التي تنتج ٩٠٪ من الصادرات الزراعية لكافة الولايات الأمريكية !!
ولا غرابة إذن أن تقرع الولايات التي يمر بها نهر كولورادو أجراس الخطر بسبب حالة الجفاف هذه، فقد بين خالق السماوات والأرض أهمية الماء فقال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَي ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء : ٣٠] !!
ففي الماء حياة لجميع الأحياء من مخلوقات الله تعالى !!
كما يعلم الناس جميعا -وأهل الحضارة الغربية المادية على وجه الخصوص- كم للماء من أهمية في مجالات حيوية كثيرة، منها: المحركات البخارية؛ التي ظلت لعقود مضت مصدر الطاقة للسفن البخارية ؟!!
وكذلك إنتاج الطاقة الكهربائية في العالم اليوم؛ التي يُعد من مصادرها السدود !!
الوقفة الثانية: حينما يعتني الإسلام بأمر ويخُصُّه بصلاة؛ فاعلم أن الأمر جلل؛ وفعلا نقص الماء أمر جلل !!
فأمّا أهل الإسلام -الذين استسلموا لخالق الكون سبحانه- فإنهم إذا أصابهم الجفاف؛ هبّوا إلى إقامة صلاة الاستسقاء؛ رجاء السُقيا من الله تعالى، مؤمنين بقوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} [هود : ٥٢] !!
وأمّا غير المسلمين؛ فهم بحاجة إلى من يبصرهم -خلال فترة الجفاف التي يمرون بها- بمعنى الآية الكريمة -التي هي موضع التأمل في هذا المقال- والتي خاطب الله تعالى بها كفار قريش في عهد تنزل القرآن الكريم- قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ}، فليس تقدم الحضارة المادية المعاصرة في كافة العلوم المادية بقادر على حل أزمة الجفاف التي تمر بهم، ولكن الحل لمعضلاتهم كافة -وليس الجفاف فقط- يكمن في استسلامهم للخالق العظيم، والانقياد لمنهجه القويم !!
أخيرا: يالعظمة دين الإسلام ؟! فإن ممّا قاله أحد المختصين بعلوم المناخ في المقابلة التلفزيونية لقناة (CBS) عن علاج انخفاض منسوب المياه في نهر كولورادو: نحن لا نملك فعل شيء تجاه زيادة موارد الماء -وهذا بلا شك يأس من جهة، وجهل بالله سبحانه الذي بيده سُقياهم من جهة أخرى- ثم قال: لكن علينا زيادة الترشيد في استخدامه إلى أقصى الدرجات !!
تذكرت حينها التوجيه النبوي الشريف بترشيد استخدام الماء؛ الذي سبق إليه الإسلام قبل ألف واربعمائة سنة؛ ففي الحديث: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ ، فقالَ : (ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ ؟ قالَ : أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ : نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ) [حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣٢٩٢)] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!