التأمل المفيد (٢٢٧)

الحلقة الخامسة والتسعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة : ٧] !!

بينت الآية الكريمة أن النجوى -وهي الحديث سرا- قد تكون بين أكثر من ستة أشخاص، قال تعالى: مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ}، وعليه: فإن الاجتماعات -التي تقتضي المصلحة أن يكون لها طابع السرية- والتي تُدار في المؤسسات الحكومية أو الأهلية، أو الاجتماعات العائلية؛ فإن هذه الاجتماعات تدخل في مجالس النجوى التي أشارت إليها الآية الكريمة !!

ومع أن الله تعالى يحيط بعلمه كل زفرة يزفرها أي مخلوق، بل ويعلم ما تخفي الصدور؛ إلا أن الناس في اجتماعاتهم السرية ينتابهم شعور بأنهم في مأمن من أن يراهم أحد؛ حيث أحكموا سرية اجتماعهم .. فتأتي الآية الكريمة لتذكرهم بأن هناك من يطلع عليهم أينما كانوا، إنه الله تعالى العليم الخبير !!

وفي هذا العصر أبدع الإداريون في تصميم حقائب تدريبية لإدارة الاجتماعات عموما -سواء السرية منها أو غير السرية- وضمّنوا تلك الحقائب التدريبية محاور مهمة لإنجاح الاجتماعات، من ذلك: أدوار المشاركين في الاجتماع، فن التعامل مع الأنماط، آلية صنع القرار، وغير ذلك من المحاور المهمة !!
غير أن محورا عظيما ومهما دلنا عليه القرآن الكريم، ينبغي أن يكون هو المحور الرئيس والمقدم على كل المحاور في إدارة الاجتماعات ذات الطابع السري، ألا وهو محور رقابة الله تعالى على كل لفظ يتلفظ به المجتمعون؛ أو يكتبوه !!

هذا وإن من شأن اصطحاب محور رقابة الله تعالى من قِبل المجتمعين؛ أن يعين على إنجاح اجتماعهم، وذلك في أمور، منها:

أولا: سيسود الاجتماع جو من الصدق وقول الحق، ذلك أن المجتمعين يتذكرون أن ما يقولونه في الاجتماع سينبئهم الله تعالى به يوم القيامة، قال تعالى في آية النجوى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} !!

ثانيا: استحضار رقابة الله تعالى يعين المجتمعين على التسديد والتوفيق في اتخاذ قراراتهم، حيث سيبتعدون فيها عن كل ما يغضب الله تعالى؛ كالظلم، أو أكل أموال الناس بالباطل، وغير ذلك من القرارات المخالفة لمنهج الله تعالى، يمنعهم من ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المجادلة : ٩] !!

ثالثا: سيسود الاجتماع؛ الاحترام بين المجتمعين، والعدل في المشاركة في طرح الآراء بينهم، ذلك أن الله تعالى -المطلع على المجتمعين- يأمر بالعدل، ويحث على الأخلاق الفاضلة، وينهى عن احتقار الغير !!

أخيرا: ومع أني خصّصت هذا المقال لاجتماعات المسلمين التي تقتضي المصلحة أن تكون ذات طابع سري؛ غير أن اجتماعات غير المسلمين السرية لا تخرج عن إحاطة علم الله تعالى بها، فالآية الكريمة لا تستثني أحدًا من خلقه سبحانه، وسوف ينبئهم بما قالوا وما عملوا في اجتماعاتهم؛ يوم القيامة !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!