الحلقة الثانية والثمانون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [لقمان : ٢٢]، قال أهل التفسير: “ومن يُخْلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى، وهو محسن في أقواله، متقن لأعماله، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته. وإلى الله وحده تصير كل الأمور، فيجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.” !!
يتسابق أهل الهمم -في عصر صار شعاره: العلم طريق النجاح- إلى نيل أعلى الدرجات العلمية، ويلتحقون لأجل ذلك بأعرق وأشهر الجامعات .. موقنين أن ذلك هو السبيل الأفضل والأميز لضمان مستقبل وظيفي آمن وكريم .. وهذا أمر جيد وحسن !!
غير أن هناك درجة شرف عليا، لا تضاهيها درجة أخرى في الشرف والعلو، يمنحها رب السماوات والأرض للمؤمن، لتكون مفتاح النجاح والسعادة له في الدنيا والآخرة !!
ولكونها أعلى درجة يمكن أن ينالها إنسان على وجه هذه الأرض؛ فقد اشترط مانح هذه الشهادة -الله تعالى جل جلاله- لمن وفقه لنيلها؛ أن يسير في هذه الدنيا وفق منهج علمي وعملي، واضح المعالم، بّين الأركان !!
فأمّا المنهج فهو في قوله تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}؛ يتمسك به الإنسان طوال حياته؛ لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ عالما بمعناها، وعاملا بمقتضاها، إذ هو أعظم منهج يوصل إلى أعلى شهادة يتمناها البشر !!
وأمّا الشهادة التي يحصل عليها السائر على هذا المنهج القويم؛ فهي من خالق الكون سبحانه، عنوانها: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ} !!
والعروة الوثقى: هي أعظم سبب موصل إلى رضوان الله تعالى وجنته !!
وأمّا أثر هذا الاستسلام لله رب العالمين في هذه الدنيا؛ فهنا مثال لإمام من عصرنا؛ الشيخ ابن باز رحمه الله، قال: “لما فقدت بصري وأنا صغير سمعت خالتي تقول لأمي وظنتني نائمًا: مسكين عبدالعزيز كيف سيحصل على عمل يعيش منه”[كتاب: فتاوى ومسائل في الحج لابن باز-جمع عبدالرحمن الهرفي (ص: ٢)]، وكلنا يعلم كيف عاش رحمه الله؛ مسلما وجهه لله تعالى، محسنا في قوله وعمله، غني النفس، قد رفع الله ذكره بين الناس، وأسأل الله تعالى أن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة !!
وحُق لنا بعد ذلك أن نتباهى فنقول: أي جامعة تعلو على جامعة القرآن الكريم والسنة المطهرة !!
وأي شهادة تعلو على شهادة الملك الديان !!
وأخيرا: من رحمة الله تعالى بالمؤمنين أن يسر لهم أزمنة شريفة يزدادون فيها استسلاما لله تعالى، وإحسانا في القول والعمل، واستمساكا بالعروة الوثقى، من ذلك عشر ذي الحجة؛ أفضل أيام الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ.) [رواه البخاري (٩٦٩)] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!