التأمل المفيد (٢٠٦)

الحلقة الرابعة والسبعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون : ٩١]، قال أهل التفسير: “لم يجعل الله لنفسه ولدًا، ولم يكن معه من معبود آخر؛ لأنه لو كان ثمة أكثر مِن معبود لانفرد كل معبود بمخلوقاته، ولكان بينهم مغالبة كشأن ملوك الدنيا، فيختلُّ نظام الكون، تنزَّه الله سبحانه وتعالى وتقدَّس عن وصفهم له بأن له شريكًا أو ولدًا.” !!

سبحان من جعل من صراع الأمم؛ واعتلاء دولة وسقوط أخرى -وهو مشهد يتكرر في تاريخ البشرية- سبحان من جعل ذلك دليلا على وحدانيته !!

فما أن يستقر الأمر لأمة ردحا من الزمن؛ إلا وأمة أخرى تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتُخضِعها؛ وتهيمن على ممتلكاتها وثرواتها !!

وحتى الأمة المسلمة تغالب غيرها من الأمم، لكن لهدف رباني عظيم؛ هو تعبيد الناس لرب العالمين؛ وليس للاستعلاء والفساد !!

كلنا رأى وسمع وقرأ عن مثل هذه الصراعات بين الأمم .. لكننا لم ولن نسمع أبدا عن صراع آلهة مع الله تعالى؛ يطمع كل إله منهم في قسمه من السماوات والأرض .. أو في دوره في خلق بعض المخلوقات !!

قال تعالى: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْض}، فلا أحد ينازع الله تعالى في ملكه .. فنحن نمسي ونصبح والسماوات لا زالت كما هي .. والأرض كذلك .. الغيث ينزل .. الأرض تنبت .. الدواب ترعى .. الهواء ملأ الفضاء .. والأمهات يلدن .. والموت لا يفوت أحدًا .. فلا إله إلا الله الواحد الأحد؛ المتفرد في تدبير شؤون جميع الخلائق !!

ولذا نفى القرآن الكريم في آية أخرى خلْق وامتلاك آلهة المشركين المزعومة شيئا من الأرض أو السماوات، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} [فاطر : ٤٠] !!

وأخيرا: وكما أن المغالبة هي ليست الأمر الوحيد الذي يقع بين الأمم؛ وإنما ما يتبع تلك المغالبة من فساد في إدارة شؤون حياة الناس؛ إذا نبذت الأمة الغالبة منهج الله تعالى .. فكذلك بين الله تعالى أنه ليست المغالبة هي الأمر الوحيد الذي يقع بين الآلهة -لو كان هناك آلهة غير الله تعالى- وإنما ما يتبع تلك المغالبة من فساد في نظام السماوات والأرض، قال تعالى : {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء : ٢٢]، قال أهل التفسير: “لو كان في السموات والأرض آلهة غير الله سبحانه وتعالى تدبر شؤونهما، لاختلَّ نظامهما” !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!