الحلقة السبعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنبياء : ٤] !! خاطب الله تعالى بهذه الآية العظيمة كفار قريش، ولهذا دعونا نحاور بها غير المسلمين في عصرنا !!
يتباهى غير المسلمين بما وصلوا إليه من تقنيات رقمية متقدمة -في المجال الأمني- من خلال كاميرات تسجل الأقوال والأفعال في مساحات محدودة من هذه الأرض؛ في المباني والطرق والموانئ والمطارات وغيرها !!
فأين هم من الله تعالى الذي يسمع ويعلم قول كل مخلوق؛ في مساحة عرضها السماوات والأرض: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} !!
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف غابت عند غير المسلمين رقابة الله تعالى عليهم، وسماعه سبحانه لأقوالهم ورؤيته لأفعالهم ؟؟!! في الوقت الذي استحضروا في أنفسهم وأخذوا الحذر ممّا يمكن أن تسجله عليهم كاميرات منصوبة هنا وهناك !!
والجواب سهل للغاية، ولا يخرج عن كلمة “المعرفة” !! نعم إنها “المعرفة” !!
فحين عرفوا أن هناك كاميرات في هذا المبنى أو ذاك، ابتعدوا عن قول أو فعل الخطأ، في محيط عمل تلك الكاميرات !!
وحين غابت عند غير المسلمين -معرفة الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الجليلة، ومنها معرفة هذه الآية العظيمة -{قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}- حين غابت معرفة الله تعالى عندهم؛ أشركوا مع الله إلها آخر، وتعدوا حدوده، فظلموا أنفسهم، وظلموا غيرهم !!
ربنا سبحانه يسمع ويعلم كل قول يصدر من أي مخلوق في السماء والأرض، في ليل أو نهار، وفي أي شأن كان هذا المخلوق !! بل وحتى السر في صدور الخلائق يعلمه سبحانه، قال تعالى: {قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان : ٦] !!
بهذه المعرفة وبهذا العلم بالله تعالى؛ يستحضر الناس رقابة الله تعالى عليهم !!
إن رقابة الله تعالى في نفوس المؤمنين، والتي يكرم الله تعالى بها من عرفوه سبحانه -بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الجليلة- هي نظام أمني أخلاقي رباني، لا يحتاجه المسلمون فقط !! بل تحتاجه البشرية جمعاء، لتسعد في الدارين !!
وإذا كانت الكاميرات سببا في بسط شيء من الأمن في مساحات صغيرة ومحدودة من هذه الأرض؛ فإن استحضار رقابة الله تعالى في النفوس تنشر الأمن في المجتمع كله، تنشره في البيوت، وفي أماكن العمل، وفي الطرقات، وفي الملتقيات والمحافل المكتظة بالناس، وفي أماكن عباداتهم، مهما ازدحمت، كما في الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة، حيث تجد الجنسين فيهما غاية في الطهر والعفة والبعد عن أذى بعضهم البعض بالرغم من الزحام، كل ذلك بسبب استحضار رقابة الله تعالى في النفوس !!
أخيرا: حذار ثم حذار أن تضعف رقابة الله تعالى في نفوسنا نحن المسلمين، فيقل أمننا، ويصيبنا ما أصاب غيرنا من الأمم !!
علينا نحن أهل الإسلام أن نجتهد في زيادة معرفتنا بالله تعالى؛ بالتأمل في آيات الكتاب الكريم وأحاديث المصطفى الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!