التأمل المفيد (٢٠٠)

الحلقة الثامنة والستون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا • لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا • تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم : ٨٨-٩٠]، قال أهل التفسير: “تكاد السماوات يتشقَّقْنَ مِن فظاعة ذلكم القول، وتتصدع الأرض، وتسقط الجبال سقوطًا شديدًا غضبًا لله لِنِسْبَتِهم له الولد. تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.” !!

حينما يرتب البشر الأقوال القبيحة والشنيعة التي تصدر منهم؛ ترتيبا تصاعديا -بدون الرجوع إلى الشرع الحنيف- فإنهم يحصرونها في الأقوال التي تصدر تجاه بعضهم البعض فقط !! حيث يكون أقلها -على سبيل المثال وليس الحصر- ما يؤدي إلى جرح المشاعر، ثم تزداد قبحا متى ما أدت إلى القطيعة، ثم منها ما يؤدي إلى الشجار ومن ثم القتال والاحتراب !!

أمّا أن تصل شناعة بعض الأقوال -التي تخرج من أفواه المليارات من البشر في هذا العصر- أن تصل شناعتها إلى أن السماوات ومجراتها تكاد أن تتشقق منها، وتتصدع الأرض، وتسقط الجبال؛ فهذا ما يجب أن يعرفه الناس أجمعون !!

إن أقبح وأشنع الأقوال هو ما كان فيه انتقاص لله تعالى؛ لأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الجليلة !!
وقد خَص الله تعالى من هذه الأقوال؛ انتقاص أكثر من مليارين من البشر اسم الله تعالى (الأحد)، يلحدون فيه؛ فينسبون له الولد -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- خص الله تعالى هذا القول الشنيع بأن السماوات تكاد تتشقق مِن فظاعة ذلكم القول، وتتصدع الأرض، وتسقط الجبال !!

وهناك العشرات من الأقوال الشنيعة التي يطلقها الذين يلحدون في أسماء الله تعالى، يدخلون في الوعيد الذي جاء في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف : ١٨٠]، من ذلك انتقاص الكثير من البشر في هذا العصر؛ اسمي الله (العليم والحكيم)، يلحدون فيها؛ بقولهم: إن أحكام الدين لا تناسب العصر !!

أمّا المؤمنون الموحدون فإنهم أولا: يعلمون من كتاب ربهم الترتيب الصحيح لأشنع الأقوال التي تصدر من البشر، قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان : ٦٨]، رتبت الآية الكريمة الأقوال الشنيعة، فجعلت الشرك بدعوة غير الله؛ أول وأشنع الأقوال!!

ثانيا: إذا نظروا إلى السماء -متأملين في آيات الكتاب الكريم التي تبين لهم تعظيم السماوات والأرض والجبال لخالقها العظيم، قال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم : ٩٠]، وقال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنّ} [الشورى : ٥]، وقال تعالى: {السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ ۚ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} [المزمل : ١٨]- فإنهم يزدادون بهذا التأمل تعظيما لله تعالى، وتقديرا له سبحانه حق قدره !!

وأخيرا: إن التأمل في الآيات الكريمات؛ التي تبين تعظيم السماوات والأرض لخالقها، وغضبها الشديد من الأقوال الشنيعة المنتقصة له سبحانه؛ تدفع أهل التوحيد إلى تكثيف الجهد الدعوي لإخراج هؤلاء المنتقصين من الظلمات إلى النور !! فالدعوة إلى التوحيد فيها من التعظيم لله تعالى وتنزيهه الشيء الكثير والكبير !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!